سورة القصص ٢٨: ٤٥
{وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِى أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}:
{وَلَكِنَّا}: الواو استئنافية، لكنا: لكن: للاستدراك، والنّون في لكنا: نون الجمع، نون التّعظيم.
{أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ}: الإنشاء هو الإيجاد والصّنع وفيها معنى التّكوين والنّمو والتّطور من بعد موسى، قروناً: عديدة وليس قرناً واحداً، جمع قرن والقرن: القوم الّذي يعيشون في زمن واحد، والقرن يعادل (١٠٠) عام، فتطاول عليهم العمر: أي: انقطع الوحي عنهم لأمد طويل أو طالت أعمارهم فنسوا العهود والشّرائع الّتي جاء بها أنبياؤهم.
انتبه هنا حدث حذف المستدرك بعد لكن، وهو فأرسلناك أو جئنا بك رسولاً إلى كافة النّاس بشيراً ونذيراً، وجاء بالسّبب على إرسال الرّسول محمّد -صلى الله عليه وسلم- بدلاً من المستدرك، فيكون تقدير الكلام: وما كنت بجانب الغربي وما كنت من الشّاهدين، ولكنا أرسلناك إليهم كافة بعد أن تطاول انقطاع الوحي عنهم ونسيانهم العهود والشّرائع الّتي جاء بها أنبياؤهم من قبل، ثمّ ذكر تعالى استدراكين آخرين بعد ذلك فقال: وما كنت ثاوياً في أهل مدين وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا، وأوحينا إليك، أيْ: أعلمناك بما جرى لموسى في مدين، وبما جرى له بجانب الطّور.
فأنَّى لك العلم بذلك لأنك ما كنت ثاوياً في أهل مدين:
{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِى أَهْلِ مَدْيَنَ}: مقيماً. والثواء: الإقامة مع الاستقرار، والمثوى: مكان الإقامة.
{تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}: أيْ: تقرأ عليهم آياتنا الّتي أُخبرت بها عن النّبي شعيب وما قال قوم شعيب وحدث لهم.
{وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}: ولكنا أرسلناك وأخبرناك بقصتهم أو بما حدث لهم لتكون برهاناً ودليلاً على صدق نبوتك ورسالتك.