سورة القصص ٢٨: ٥٠
{فَإِنْ لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}:
{فَإِنْ}: الفاء للتوكيد، إن: شرطية تفيد الشّك والاحتمال والنّدرة، أيْ: يستجيبوا لك.
{لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ}: يستجيبوا لطلبك بالإتيان بكتاب هو أهدى منهما ومن عند الله تعالى. وانتبه إلى كيف فصل بين فإن وبين لم في هذه الآية بينما جمع بين فإن وبين لم في سورة هود آية (١٤) فقال: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ}، وقيل في تفسير ذلك: أنه فصل بينهما؛ لأن المخاطب في آية القصص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحده {فَإِنْ لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ}، والسياق في الإتيان بكتاب أهدى من القرآن والتوراة. وأما في آية هود المخاطب الجمع لقوله {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ}، (ولم يقل لك)، والسياق في أمر واحد (١٠ آيات) وليس أو بين؛ فريما جمع بين فإن ولم فقال: فإلم لهذه الأسباب والله أعلم.
{فَاعْلَمْ أَنَّمَا}: الفاء للمباشرة، أنما: كافة ومكفوفة تفيد الحصر والتّوكيد.
{يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ}: جمع هوى، والهوى: ما تميل إليه النفس باطلاً وبلا دليل، وبعيد عن الحق، والهوى: يغلب عليه الذم، ويختص بالأداء والاعتقادات.
{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ}: من استفهامية بمعنى النّفي، أيْ: لا أضل منه أحد، أو ليس هناك أشد ضلالاً ممن اتبع هواه.
{بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}: بغير حُجَّة أو دليل من كتاب من الله تعالى أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}: إنّ للتوكيد، لا يهدي: لا النّافية لكلّ الأزمنة، يهدي القوم الظّالمين: أيْ: هداية الإيمان والتّقوى، أيْ: إنّ الله لا يهدي هؤلاء الّذين اختاروا طريق الضّلالة والشّرك واستقاموا عليه وابتعدوا عن طريق الإيمان والتّقوى بعيداً، ولم يتوبوا وينيبوا إلى الله فلا تتوقع أن يهديهم الله سبحانه بعد أن ضلوا ضلالاً بعيداً. ارجع إلى سورة الجمعة آية (٥) لمزيد من البيان.