سورة القصص ٢٨: ٨٦
{وَمَا كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ}:
المناسبة: هوِّن عليك واطمئن يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-، ولا تستبعد أن نردك إلى مكة فاتحاً منتصراً، فهل كنت ترجو أو تتوقَّع أن يُلقى إليك الكتاب، أيْ: ينزل عليك القرآن أو الوحي قبل بعثتك.
{وَمَا كُنْتَ}: ما النّافية، كنت قديماً.
{تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ}: ترجو من الرّجاء هو الظّن بوقوع الخير أو تأمل أن تكون رسولاً أو نبياً إلى النّاس كافة، أن: حرف مصدري يفيد التّعليل، يُلقى إليك الكتاب: أي: القرآن، يُلقى: يُنزل، ويلقى: فيها معنى أن يقرأ أو يُتلى على سمعك، أو ما كنت تتوقع أو تأمل أن يقرأ (يلقي) جبريل إليك القرآن.
{إِلَّا}: أداة حصر وقصر.
{رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}: رحمة: رحمة لك وللعباد وللمسلمين وللمؤمنين وللعالمين، والرّحمة معناها بشكل عام هي جلب ما يَسُرُّ ودفع ما يَضُرُّ. فالقرآن رحمة للعالمين، أيْ: فيه الخير والفائدة وفيه ما يقيهم ويدفع عنهم ما يضرهم، وكما قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} الإسراء: ٨٢.
{مِنْ}: ابتدائية.
{فَلَا}: الفاء للتوكيد، لا النّاهية.
{تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ}: الخطاب وإن كان موجَّهاً إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن المقصود به أمته -صلى الله عليه وسلم- والنّون في تكونن للتوكيد أيضاً ظهيراً للكافرين: عوناً أو معيناً للكافرين بأيِّ حال من الأحوال، أو تلين لهم طمعاً في إيمانهم، أو تساعد أحداً على ارتكاب معصية أو تضله عن دينه أو تمنعه من فعل الخير.
ظهيراً: مشتقة من ظهر. ارجع إلى الآية (٥٥) من سورة الفرقان لمزيد من البيان.