سورة العنكبوت ٢٩: ٥٨
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}:
المناسبة: بعد أن بيّن الله سبحانه مأوى الكافرين {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} يُبين مأوى الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: ارجع إلى الآية (٧) من السّورة نفسها للبيان.
{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ}: اللام: للتوكيد، نبوئنهم: من باء الشيء: رجع، عاد به، وباء بذنبه: أقر واعترف بذنبه، وبوأنا: أنزلنا وأسكنا، وأصل الباءة والمباءة: المنزل، وبوأنا لإبراهيم مكان البيت: هيأنا له وأنزلناه، وبوأت له مكاناً: سويته فتبوأ؛ أي لنسكنّنهم، من: ابتدائية، الجنة غرفاً: منازل رفيعة عالية.
ارجع إلى سورة يونس آية (٨٧) وآية (٩٣) لمزيد من البيان عن بوّأنا.
وارجع إلى سورة الفرقان آية (٧٥): لمزيد من البيان عن غرفاً.
{خَالِدِينَ فِيهَا}: الخلود يبدأ من زمن دخولهم إياها وإلى ما لا نهاية.
{نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}: نِعم من أفعال المدح العام (أما المدح الخاص مثل حبذا) يطلق على كلّ من تمدحه: تقول: نِعم الأجر، نِعم الطالب، والأجر يكون على العمل على القيام بالتّكاليف المطلوبة منهم.
وفي آية (١٣٦) من سورة آل عمران قال تعالى: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} أضاف الواو وإضافتها تدل على أنّ أجرهم أعظم من أجر المذكورين في آية العنكبوت.
وفي آية (٧٤) من سورة الزّمر قال تعالى: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} أضاف الفاء بدلاً من الواو والفاء تدل على أنّ أجرهم أعظم من أجر المذكورين في آية آل عمران، فهم قد أُدخلوا الجنة وهم يتبوؤون من الجنة حيث يشاؤون:
فنِعم أجر العاملين أعظم أجراً من: ونِعم أجر العاملين، ونِعم أجر العاملين أعظم أجراً من: نِعم أجر العاملين (بدون واو)، فالأجر ثلاث درجات أعلاها: فنِعم الأجر، ومتوسطها ونِعم الأجر، وأدناها نِعم الأجر.