سورة الروم ٣٠: ٣٧
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}:
{أَوَلَمْ يَرَوْا}: الهمزة للاستفهام والتقرير والإنكار، والواو في (أولم): للتوكيد والجمع، أو مطلقة. لم: للنفي والإنكار، معناه: نفي ودخول نفي على نفي فهو إثبات، فمعناها: فليروا أن الله يبسط. يروا: رؤية بصرية أو رؤية فكرية قلبية؛ وتعني: يعلموا؛ أي: أولم يعلموا؟! والعلم أوسع من الرؤية.
{أَنَّ}: حرف مصدري يفيد التّوكيد.
{اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}: يبسط: يوسع ويغني أحداً من عباده ويقدر: يضيق ويفقر عبداً آخر، وفي كلا الحالتين الغنى أو الفقر فتنة وابتلاء للعبد، وقد تكون فتنة الغنى أشد من فتنة الفقر.
ارجع إلى سورة الرعد آية (٢٦) للمقارنة بالآيات المشابهة لهذه الآية وسورة سبأ آية (٣٦) وآية (٣٩).
{إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}: إن واللام في (لآيات) للتوكيد. آيات: بينات ودلالات واضحة على قدرة الله وعظمته، وأن الغنى آية من الآيات والفقر آية من الآيات، فالغنى يستوجب الشكر، شكر المنعم، والفقر يستوجب الصبر.
{لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}: اللام لام الاختصاص؛ أي: يستفيد منها الّذين يؤمنون؛ أي: يتجدد إيمانهم ويتكرر ويؤمنون؛ أي: هم سائرون على درب الإيمان ولم يقل لقوم مؤمنين؛ أي: الّذين ثبت عندهم الإيمان وأصبح صفةً ثابتةً لهم.
(قوم مؤمنين) أعلى درجة أو إيماناً من (قوم يؤمنون).
ولنقارن هذه الآية (٣٧) من سورة الروم مع الآية (٥٢) من سورة الزمر وهي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}. ما الفرق بين (يروا) وبين (يعلموا): العلم أوسع من الرؤية، فالعلم يتناول الموجود وغير الموجود (الحاضر والغائب). والرؤية ثلاثة أنواع: قد تعني رؤية قلبية فكرية أو رؤية تعني الظن ورؤية قد تعني الرؤية الحقيقية البصرية (رؤية العين).