سورة لقمان ٣١: ٧
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}:
{وَإِذَا}: ظرفية زمانية شرطية، تدل على حتمية الحدوث وبكثرة.
{تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا}: تُقرأ عليه آياتنا (آيات القرآن)، تتلى: من التلاوة؛ وهي القراءة المتتالية من كتاب الله. ارجع إلى سورة العنكبوت آية (٤٥).
{وَلَّى مُسْتَكْبِرًا}: أعرض عنها، مستكبراً عن قبول الحق والإذعان لله بالعبادة، وتعود على الّذي يشتري لهو الحديث.
وقال مستكبراً لا يريد سماع آيات الله كفراً وتكبراً، ولم يقل متكبراً؛ لأن مستكبراً ليس عنده مقومات الكبر مثل الغنى والشرف، إذن استكباره باطل وليس له حق أن يتكبر كالفقير المستكبر.
{كَأَنْ لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْرًا}: وقراً: ثقلاً في السمع يمنعه من السماع الجيد، أو ولّى مستكبراً مشبهاً من في أذنيه وقر، ولم يقل صمم؛ لأن الصمم يدل على عدم السماع بشكل مطلق، وهو كان يسمعها ويتخذها هزواً.
{فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}: ونحن نعلم أن البشارة تكون عادة في الخير، والإخبار بشيء سار، والفاء تدل على التّوكيد. وأما البشارة بعذاب أليم تعني: التهكم والسخرية منه.
وفي هذه الآية قال: عذاب أليم، وفي الآية السّابقة: عذاب مهين، وهذا ليس فيه تعارض مرة يكون عذاباً مهيناً أمام النّاس وفيه مذلة ومرة أليماً فيه ألم شديد وليس أمام النّاس وعلى مرآهم.
ولا بد من مقارنة آية لقمان هذه وهي قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} مع الآية (٨) من سورة الجاثية وهي قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
ليس المستمع واحداً، في آية لقمان يسمع كأن لم يسمع كأن في أذنيه وقراً، بينما في آية الجاثية يسمع كأن لم يسمع ولم يقل في أذنيه وقراً.
لأن في الجاثية قال: يصر مستكبراً (أي على عدم التراجع أو الاستماع) فهذه تعادل أو تساوي كمن في أذنيه وقراً، فصار أحد اللفظين يُغني عن الآخر.