سورة الأحزاب ٣٣: ٢٠
{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِى الْأَعْرَابِ يَسْـئَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا}:
{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا}: يحسبون من حسب وهو الظّن الرّاجح المبني على التّقدير والحساب والتّجربة، ويعني الاعتقاد أو لم يصدقوا أنّ الأحزاب لكثرة عددهم (١٠ آلاف) مقاتل كيف ينصرفون من دون قتال ويولون الأدبار ولم يدحروا المسلمين القلة، فهم يعتقدون أنّ الأحزاب وهم قريش وغطفان ما زالوا حول المدينة ولم يعودوا بعد إلى ديارهم منهزمين.
يحسبون: فيها نون التّوكيد، وجاءت بصيغة المضارع لتدل على حكاية الحال حدث في الماضي يأتي بصيغة الحاضر ليدل على عدم تصديقهم أنّ الأحزاب انهزموا وتركوا أرض المعركة رغم عددهم الكبير.
{وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ}: إن شرطية تفيد الاحتمال والنّدرة، يأت الأحزاب أيْ: تتجمع الأحزاب مرة أخرى ضد المسلمين، ويعود لمقاتلة المسلمين على فرض ذهبوا وسيعودون مرة أخرى.
{يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِى الْأَعْرَابِ}: أيْ: يود المنافقون لو أنهم بادون في الأعراب: أيْ: أنهم مع البدو المقيمون في البادية مع الأعراب، أيْ: بعيدون عن المدينة أو خرجوا إلى البادية ليكونوا مع البدو، بادون: اسم فاعل جمع بادي من بدا، وأصلها باديون وحذفت الياء لالتقاء السّاكنين لكي لا يحاربوا الأحزاب؛ لأنّهم غير واثقين بنصر الله تعالى للمسلمين ورسوله، أو لا يحاربوا مع المسلمين فيصيرون أعداءً للأحزاب، فالأفضل لهم في كلا الحالتين أن يكونوا في البادية (مع البدو).
{يَسْـئَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ}: يسألون الأعراب وغيرهم ممن قدِم إلى زيارة المدينة ورجع ما آل حالكم إليه أو ما جرى لكم. أنبائكم: أخباركم والنّبأ هو الخبر العظيم.
{وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا}: ولو شرطية، كانوا فيكم: أيْ: في أرض المعركة وخاضوا المعركة معكم أو كانوا في حزبكم.
{مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا}: ما النّافية، قاتلوا معكم إلا: أداة حصر، قليلاً: أيْ: ظاهرياً أو رياء أو سمعة خوفاً أن يلحق بهم عار.
فهم في ريبهم يتردَّدون بين هل الأفضل لهم العيش في البادية مع البدو أو العيش معكم عيشة نفاق، فلا تأس عليهم ولا تحزن.