سورة الأحزاب ٣٣: ٢٣
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَنْ يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: من ابتدائية بعضية.
{رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}:
أسباب النّزول: قيل: نزلت هذه الآية كما روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك في أنس بن النضر فقد عاهد الله تعالى حين فاتته المشاركة في غزوة بدر، عاهد الله لو جاءت معركة أخرى ليبلون فيها بلاء حسناً فجاءت معركة أحد، فأبلى فيها بلاء حسناً حتّى استشهد فيها، فوجدوا في جسده بضعاً وثمانين جرحاً نتيجة ضربه بسيف أو طعنه برمح أو رميه بسهم وليست العبرة بخصوص السّبب وإنما بعموم اللفظ.
{صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}: أيْ: أتموا وأوفوا بعهدهم حتّى ولو أدَّى ذلك إلى الشّهادة في سبيل الله أو التّضحية بنفسه وماله معاً.
{مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}: ما: اسم موصول بمعنى الّذي أو مصدرية بمعنى صدقوا عهد الله.
{عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}: ليخرجنَّ مجاهداً في سبيل الله كما فعل أنس بن النضر.
{فَمِنْهُم مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}: النحب في الأصل النذر، وقضى نحبه، أيْ: أوفى بنذره أو أتم نذره أو عهده أو يأتي بمعنى الأجل، وقيل: قضى نحبه: انقضى أجله أيْ: قد قتل: استشهد أو مات في سبيل الله، استُعير النحب مكان الأجل؛ لأنّ الأجل وقع بالنّحب (بالقتل).
ومنهم من قال: نحبه: إرادته ورغبته.
{وَمِنْهُم مَنْ يَنتَظِرُ}: تكرار ومنهم يفيد التّوكيد، ينتظر: الوفاء بعهده، أيْ: ساعٍ في ذلك ينتظر الشّهادة في سبيل الله واللحاق بمن سبقوه.
{وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}: أي: استقاموا وثبتوا على عهدهم مع الله ونيتهم ولم يبدلوا أدنى التّبديل، أيْ: تراجعوا عن القتال خوفاً أو دخل أحدهم الحرب رياء وسمعة أو تخاذلوا أبداً.