سورة الأحزاب ٣٣: ٥١
{تُرْجِى مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُـئْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا}:
بالإضافة إلى حِل الواهبة نفسها للرسول -صلى الله عليه وسلم- من دون المؤمنين يفوض له الحرية والاختيار في الإيواء والإرجاء ليفعل ما يشاء بالنّسبة لأمر القسمة أو التّسوية بين أزواجه.
{تُرْجِى مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}: أيْ: تؤخِّر من تشاء من أزواجك عن ليلتها والإرجاء هو التّأخير.
{وَتُـئْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}: تضم أو تبيت مع من تشاء.
{وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ}: ومن طلبت، أيْ: أردت ممن تجنَّبت (من العزلة) أيْ: ممن لا تريد على الإطلاق.
{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}: الجناح: الإثم، أيْ: لا إثم عليك. ارجع إلى سورة البقرة آية (١٥٨) لبيان المعنى، ومعرفة الفرق بين لا جناح عليك، وليس عليك جناح.
{ذَلِكَ}: اسم إشارة واللام للبعد يشير إلى التّخيير الّذي أباحه الله سبحانه له.
{أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ}: أقرب أن تقرَّ أعينهنَّ: أن حرف مصدري يفيد التّعليل والتّوكيد، تقر أعينهن: مشتقة من قرَّ بالمكان: أيْ: أقام وثبت به، أيْ: عدم دورانها وحيرتها، أيْ: تسكن أيْ: ترتاح أعينهنَّ وتسر (من السّرور) إذا علمن أنّ هذا أمر من الله سبحانه، وكذلك قرَّ مشتقة من القرِّ: وهو البرد، أيْ: لا تحزن وتغضب كالعين السّاخنة الّتي تحزن وتغضب.
{وَلَا يَحْزَنَّ}: من الحَزَن: ارجع إلى سورة الأنعام الآية (٣٣) للبيان ومعرفة الفرق بين الحَزَن والحُزُن.
{وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}: الرّضاء ضده السّخط، الرّضا بما قسمه الله وقدره والرّضا بما حدث من إيواء وإرجاء وتقريب وتأخير، بما: الباء للإلصاق والدّوام، ما: الّذي، وأوسع شمولاً من الذي، آتيتهنَّ كلّهنَّ: (للتوكيد) آتيتهنَّ من الإيتاء، ويشمل النّواحي المادية والمعنوية معاً، يرضين بالقسمة والتّسوية والعدل بينهنَّ.
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ}: من الميل إلى البعض دون البعض، والحب والنّوايا والرّضا والسّخط.
{وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا}: كان تستغرق كلّ الأزمنة الماضي والحاضر والمستقبل، عليماً: صيغة مبالغة من علم كثير العلم عليماً بخلقه، وما تخفي ذوات الصّدور، من سرائر وعليم بحاجاتهم وميل قلوبهم، حليماً لا يعجل لهم العقوبة ويقبل التّوبة.