سورة آل عمران ٣: ٦٥
{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِى إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}:
نداء آخر إلى أهل الكتاب. ارجع إلى الآية السابقة (٦٤).
{لِمَ}: استفهامية، وفيها معنى الإنكار، والتعجب.
{تُحَاجُّونَ}: تأتون بحجج باطلة، والحجاج كل من الخصمين يحضر الدليل والبرهان للوصول إلى الحق أو الصواب.
{فِى إِبْرَاهِيمَ}: قال ابن عباس -رضي الله عنهما- اجتمع عند النبي -صلى الله عليه وسلم- نصارى نجران، وأحبار اليهود، فقال الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياً، وقال وفد نجران: ما كان إلا نصرانياً فنزلت هذه الآية.
وقد بيَّن الله تعالى في آية أخرى محاجَّتهم في إبراهيم أنه يهودي، أو أنه نصراني، كما جاء في سورة البقرة، آية (١٤٠): {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}.
{وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ}: أي: لا يمكن أن يكون إبراهيم يهودياً، كما يدَّعي اليهود؛ لأن التوراة أنزلت من بعده، فاليهودية إذن جاءت من بعده بأزمنة طويلة، فقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان بين إبراهيم وموسى (٥٧٥ سنة)، وابن إسحاق قال: (٥٦٥ سنة)، وكذلك الإنجيل أنزل بعد مجيء إبراهيم، وبالتالي فالنصرانية كذلك جاءت من بعد إبراهيم بمئات السنين، فقد كان بين موسى وعيسى (١٦٣٢ سنة)، كما قال ابن عباس، وابن إسحاق قال (١٩٢٥ سنة).
{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}: الهمزة: همزة استفهام إنكاري، وتعجب على المحآجَّة الباطلة، وألا: أداة حض، وتنبيه على التفكر والتعقل.
تعقلون: تدركون بطلان ما تقولونه في إبراهيم، أو تدركون الحقيقة من الدلائل والمعطيات بشأن إبراهيم.