سورة سبأ ٣٤: ٤٢
{فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِى كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}:
{فَالْيَوْمَ}: الفاء للتوكيد، اليوم: يوم الحساب أو القيامة.
{لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ}: لا النّافية، يملك: بعضكم لبعض: المعبودون للعابدين أو المتبوعون للتابعين، لبعض: اللام لام الاختصاص.
{نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا}: جاءتا بصيغة النّكرة؛ لتشملا كلّ نفع أو كلّ ضر مهما كان نوعه وقدره، لا شفاعة ولا زلفى ولا نجاة ولا نصراً ولا شيئاً مهما قلّ وصغر أو كبر، وقدّم النّفع على الضّر؛ لأنّ سياق الآيات في القربى والزّلفى والشّفاعة الّتي تعني الفائدة منها والرزق والأموال والأولاد والإنفاق.
{وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا}: نقول: للتعظيم، للذين: اللام لام الاختصاص، الّذين ظلموا بالشّرك والمعاصي وظلموا أنفسهم بالخسران وظلموا الآخرين بإضلالهم.
{ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِى كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}: ارجع إلى الآية (١٤) من سورة السّجدة لبيان معنى: ذوقوا عذاب النّار.
ولا بد من مقارنة هذه الآية (٤٢) من سورة سبأ وهي قوله تعالى: {ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِى كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}، والآية (٢٠) من سورة السّجدة وهي قوله تعالى: {ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِى كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}:
في آية سبأ: الّذين ظلموا يكذبون بوجود النّار أصلاً؛ أي: ينكرون ويجحدون بوجود النّار (أي يكفرون بها وبكلّ شيء يذكر عنها) فيقال لهم: ذوقوا عذاب النّار الّتي كنتم بها تكذبون.
أمّا في آية السّجدة: الّذين فسقوا يقال لهم: ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذبون؛ أي: هم يؤمنون بوجود النّار ولكنهم ينكرون أنّهم من أهلها وسيعذبون بها، فتكذيبهم ليس للنار بل للعذاب نفسه، ولذلك جاء باسم الموصول الّذي العائد إلى العذاب.
والظّلم أشد وأعظم ذنباً وإثماً من الفسق، فأعلى الدّرجات هي الكفر ثمّ الظّلم (الشّرك) ثمّ الفسق.