سورة فاطر ٣٥: ١١
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِى كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}:
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ}: أيْ: خلق أباكم آدم من تراب، لأنّكم من آدم وآدم من تراب، وكان خلقه على مراحل: طين، ثمّ طين لازب، ثمّ حمأ مسنون، ثمّ صلصال كالفخار، ثمّ نفخ فيه الرّوح.
من تراب: من ابتدائية وقد تكون بعضية وتعني تركيب جسم الإنسان، من تراب: فقد وجد أنّ هناك (١٦) معدناً من معادن الأرض موجودة في تركيب جسم الإنسان منها الكالسيوم والصوديوم والمغنزيوم والكلّوريد والنّحاس والزّنك والبوتاسيوم والحديد وغيرها. ارجع إلى سورة الروم آية (٢٠) لمزيد من البيان.
{ثُمَّ مِنْ نُّطْفَةٍ}: ثمّ للترتيب الذّكري العددي، أو التسلسلي، ثمّ خلقكم من نطفة آدم، ثمّ بالتّزاوج والتّكاثر.
{ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا}: أيْ: ذكراناً وإناثاً، الذّكر يطلق عليه زوج والأنثى يطلق عليها زوج.
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى}: ما النّافية، تحمل من أنثى: من استغراقية، من ذكر أو أنثى أو توءَم أو أكثر من ذلك من الأجنَّة الكاملة الخلق أو غير الكاملة.
{وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}: ولا تضع إلا بعلم الله سبحانه، لا: النّافية، إلا: للحصر، بعلمه: أيْ: يعلم زمن الوضع (الولادة) بالدّقيقة والثّانية، ومنذ الأزل، وكيفية الوضع والولادة وما يتعلَّق بها من اختلاطات.
{وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُّعَمَّرٍ}: ما النّافية، يعمر من معمر: المُعمَّر: الإنسان الّذي طعن في السّن أيْ: بلغ أقصى العمر أيْ: يعلم الله سبحانه ما تضع من أنثى ويعلم عمر كلّ معمَّر وكم سيعيش أو إلى متى سيطول عمره ومتى سيموت باليوم والدّقيقة والثّانية. وقيل ذلك موجود في المحفظة الوراثية في أحد الجينات أو الكروموزوم.
{وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ}: هاء الضّمير في كلمة عمره، إما تعود على المعمر السّابق ذكره والّذي طال عمره أو تعود على أيِّ إنسان آخر.
وهذا النقص له معنيان:
الأول: ينقص من عمره فيموت وهو في سن مبكرة.
الثّاني: إنسان مكتوب عمره إذا حج وكان واصلاً لرحمه ومحسناً فسوف يعيش (٩٠) سنة، وإذا حج ولم يكن واصلاً لرحمه ولا محسناً فسوف يعيش (٦٠) سنة، وهكذا.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{فِى كِتَابٍ}: أي: اللوح المحفوظ أو في شفرته الوراثية عمر فلان (٩٠) سنة؛ لأنّه سيكون واصلاً لرحمه ومحسناً، فالزّيادة في عمره داخل في تقدير عمره بصفة نهائية، والطّول والقصر كله بقضاء الله سبحانه وحده.
{إِنَّ ذَلِكَ}: إن للتوكيد، ذلك اسم إشارة يشير إلى الطّول والقصر في العمر والخلق والتّدبير.
{عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}: أيْ: هيِّن ولا يعني أنّ هناك أموراً أو أشياءَ عسيرة، أو صعبة على الله سبحانه، وأمور سهلة، وإنما قوله: يسير فقط لتقريب قدرته إلى أذهان البشر.