سورة الصافات ٣٧: ١٠٢
{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ قَالَ يَابُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}:
{فَلَمَّا}: الفاء عاطفة، لما: ظرفية للزمان الماضي بمعنى حين.
{بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ}: أي: بلغ إسماعيل السّن الّذي يقدر فيه على السّعي؛ أي: العمل كما قال ابن عباس. قيل: (١٣) سنة وهو المرجح، معه: أيْ: مع أبيه إبراهيم -عليه السلام- ، بلغ معه السعي، ولم يقل بلغ السعي بشكل عام؛ لأن إسماعيل في ذلك العمر له قدرته وطاقته على العمل فيقوم بما يقدر عليه ويترك ما لا يقدر عليه لأبيه، وأبوه لن يكلفه إلا على قدر طاقته وقدرته فهذا هو سر بلغ معه.
{قَالَ يَابُنَىَّ}: فيها معنى العطف والحنان ولم يقل: يا ابني.
{إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ}: إنّي للتوكيد، أرى في المنام: ولم يقل: رأيت في المنام أرى تدل على كثرة الرّؤيا والتّجدُّد. فقد رأى إبراهيم نفس الرّؤيا في كلّ ليلة لمدة ثلاث ليال، فلو رأى الرّؤيا مرة واحدة لقال: رأيت. كما جاء في سورة يوسف آية (٤) حين قال: {إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}.
{أَنِّى أَذْبَحُكَ}: أيْ: لم يَرَ إبراهيم أنّه ذبح إسماعيل في منامه بيده، وإنما أُمر في المنام بذبحه، ويدلُّ على ذلك قوله: افعل ما تؤمر، أي: ما طلب منك.
{فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} أيْ: فكِّر وتدبَّر في هذه الرّؤيا، ماذا: استفهام أقوى وآكد من حرف ما.
ماذا ترى من الرّأي على وجه المشاورة (وهو في سن ١٣ سنة) وشاوره ليعلم إسماعيل ما يقوله أبوه إبراهيم أنّه بلاء من الله، ويثبته ويصبره ويعلمه الانقياد إلى أمر الله، فهو أمام أمرين الأمر الأوّل البرُّ بربِّه، والثّاني البرُّ بأبيه.
{قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}:
{قَالَ}: إسماعيل لأبيه إبراهيم: افعل ما تؤمر به.
{سَتَجِدُنِى}: السّين للاستقبال القريب.
{إِنْ شَاءَ اللَّهُ}: إن شرطية.
{مِنَ الصَّابِرِينَ}: من ابتدائية، ولم يقل: صابراً من الصّابرين أفضل من صابر؛ لأن الدّعاء بصيغة الجمع أفضل من الدّعاء بصيغة الإفراد من الصّابرين على قضاء الله وقدره.
سورة الصّافات الآيات ١٠٣- ١٢٦