سورة الزمر ٣٩: ١٥
{فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}:
{فَاعْبُدُوا}: الفاء للترتيب والتّعقيب.
{فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِنْ دُونِهِ}: ظاهر هذه الآية التّخيير والحقيقة هي تهديد ووعيد وتوبيخ إن فعلوا ذلك ولا تعني الإذن لهم بعبادة غير الله, كقوله تعالى: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ} الكافرون: ٦.
{مَا شِئْتُم}: ما اسم موصول لغير العاقل مثل الأصنام والقمر والنّجوم والكواكب والآلهة، وللعاقل مثل عيسى وعزير والأولياء.
{مِنْ دُونِهِ}: من غيره أو سواه ثم بين سبحانه عاقبة الشرك والكفر بالله تعالى.
{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ}: أيْ: إذا عبدوا ما شاؤوا من دون الله يصبحون ظالمين لأنفسهم بالكفر والشّرك، فعندها سوف يخسرون أنفسهم يوم القيامة ويصبحون من أصحاب النّار.
والسّؤال: كيف يخسروا أهليهم أيضاً، أهليهم, ولم يقل أهلهم أهليهم تعني أولادهم وذريتهم وأزواجهم وأقاربهم، فالذّرية والأهل تعني: فقط الزوجة والأولاد أمام أمرين: إما أن يؤمنوا فلن يكونوا عندها مع الآباء في النّار بل في الجنة، وإما أن يتبعوا آباءَهم في الكفر والشّرك فيكونوا خاسرين كآبائهم، فالآباء خاسرون لذريتهم وأهليهم في كلا الحالتين إنّ ذريتهم دخلوا الجنة أو اتبعوهم؛ أي: يخسروا أهليهم (الذرية والأقارب) بعدم كونهم معاً؛ أي: لن يرونهم؛ لأنه سيكون فريق في الجنة وفريق في السعير، أو خاسرين لهم بأن أدخلوهم النار معهم.
{أَلَا}: أداة افتتاح وتنبيه.
{ذَلِكَ}: ذا اسم إشارة واللام للبعد، ويفيد الذّم ويشير إلى الخسران.
{هُوَ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.
{الْخُسْرَانُ}: على وزن فعلان للمبالغة في الخسارة، ولم يكتف بقوله: الخسران، وإنما أضاف إليه المبين. ارجع إلى سورة النساء آية (١١٩)، وسورة هود آية (٢٢) لبيان معنى خسر، خسران، خسارة، الأخسرون.
{الْمُبِينُ}: أي: الظّاهر الجلي لكلّ فرد وإنسان وهو خسران واضح لا يحتاج إلى أدلة أو برهان.