سورة الزمر ٣٩: ٢٩
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}:
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا}: ارجع إلى الآية (٢٧) من هذه السورة، وإلى الآية (٧٤) من سورة النّحل.
{رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ}: التّشاكس الاختلاف يتنازعون فيه، وقيل: رجل شكس: صعب الخلق شرس الطّباع، أيْ: عبد لعدة أسياد لا يعرف كيف يرضي كلاً منهم؛ لأنّهم متشاكسون.
{وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ}: سلماً، أيْ: قد سَلِمَ من غير منازع، أيْ: يأخذ كلّ الأوامر من سيد ومالك واحد مرتاح يعرف ما يرضي سيده. والسَّلم: الذل والاستسلام الكامل الشامل لله وحده.
{هَلْ يَسْتَوِيَانِ}: أيْ: هل يستوي عبد مملوك لجماعة متشاكسين: مختلفين. أخلاقهم سيئة فهو في حيرة من أمره أيهم يُرضي، وعلى أيهم يعتمد، وهذا مثل المشرك الّذي يعبد عدة آلهة فهو مرهق وظالم لنفسه باتخاذ كلّ أولئك الآلهة والأولياء، وعبد موحِّد مملوك خالص لإله واحد ليس له غيره يعرف كيف يرضي سيده.
{هَلْ}: للاستفهام والتّقرير، وهل آكد من الهمزة في الاستفهام، كما لو قال: أيستويان.
{يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}: مثلاً: ولم يقل: مثلين؛ لأنّ كلّ منهما يكفي عن الآخر، وفي هذا المثل الحث على التّوحيد أو ترك الشّرك، والأمر الثّاني توكيد للمثل الأول فهما مثل واحد.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ}: الّذي لم يجعل له شريكاً ولا ولداً، أو الحمد لله على ضرب المثل، وتبيُّن الحق من الباطل وإقامته الحُجَّة عليهم أو الكلِّ.
{بَلْ أَكْثَرُهُمْ}: بل للإضراب الانتقالي.
{لَا يَعْلَمُونَ}: الحق فيشركون به، ويجعلون له ولداً أو ندّاً أو شريكاً.
ولا يظن أحدٌ خطأ أنّ الحمد لله هنا يعود على أنّ أكثرهم لا يعلمون وقد تكون عائدة إلى الآية القادمة (٣١) بل أكثرهم لا يعلمون أنك ميت وأنّهم ميتون.