سورة الزمر ٣٩: ٦٨
{وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِى الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}:
يذكرُ الله تعالى في هذه الآيات بعض الأحداث الّتي تقع يوم القيامة وتبدأ بالنّفخة الأولى نفخة الصّعق والموت.
{وَنُفِخَ فِى الصُّورِ}: نفخ فعل ماض رغم أنّ النّفخ سيقع في المستقبل؛ مما يدل على أنّ الحدث كأنّه قد وقع وانتهى، والزّمن عند الله الماضي والحاصر والمستقبل واحد، فهو خالق الزّمان والمكان.
ونفخ بصيغة المبني للمجهول رغم أنّ النّافخ إسرافيل عليه السّلام كما بينت السّنة النّبوية ويكون النّفخ يوم الجمعة. والصّور: البوق.
{فَصَعِقَ}: الفاء تدل على التّرتيب والمباشرة، والصّعق له معنيان: فَقْدُ الوعي والإغماء، أو الموت والهلاك.
يُصعق كلّ إنسان وجن وحيوان وتموت الخلائق جميعاً.
{مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ}: من استغراقية تشمل كلّ من في السّموات، وكل من في الأرض. من: تستعمل للعاقل، ويمكن أن تنزل غير العاقل منزلة العاقل، وتشمل كل المخلوقات؛ لأن الصعق (الموت) والبعث والقيامة لأجل محاسبة العقلاء.
{إِلَّا}: أداة استثناء.
{مَنْ شَاءَ اللَّهُ}: أيْ: من شاء الله ألَّا يصعق ويموت، وهؤلاء لا يعلمهم إلا الله تعالى، ومن تعني: الواحد أو الاثنين أو الجمع، وقيل: هم الملائكة المقربون مثل حملة العرش.
أو الحور العين.
أو جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم يميتهم الله تعالى بعد ذلك، والله أعلم.
{ثُمَّ}: للترتيب والتّراخي.
{نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى}: أيْ: نفخة البعث (القيام) وما بين النّفختين، كما بيَّنت السّنة قد يكون (٤٠) يوماً، أو (٤٠) شهراً، أو (٤٠) سنةً، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما بين النفختين أربعون»، وقد سئل أبو هريرة عن معنى الأربعين فأبى أن يحدد هل هي أربعون سنة، أو أربعون شهراً، أو أربعون يوماً.
{فَإِذَا}: الفاء للتعقيب والتّرتيب والمباشرة: إذا: ظرفية شرطية تفيد حتمية الحدوث وتفيد الفجائية.
{هُمْ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.
{قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}: قيام من قبورهم، ينظرون إلى ما حولهم من الأحداث إلى الأرض الجديدة والسّموات الجديدة، أو ينظرون ما يُفعل بهم.
لنقارن هذه الآية (٦٨) من سورة الزّمر {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِى الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}: مع الآية (٢٦ ـ ٢٧) من سورة الرّحمن {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
كل من عليها فان، هذه تعني: كلّ من على الأرض فان (ميِّت) أيْ: أهل الأرض (الجن والإنس) يموتون.
أما آية الزّمر: فتشمل كلّ من في السّموات ومن في الأرض، فآية الزّمر أوسع وأشمل تشمل العالم العلوي والسّفلي.