سورة غافر ٤٠: ١٨
{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}:
{وَأَنذِرْهُمْ}: الإنذار هو الإعلام المقترن بالتّحذير والتّخويف، والمخاطب هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنذر قومك؛ أي أمتك وبالتّالي النّاس أجمعين.
وكما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} سبأ: ٢٨.
{يَوْمَ الْآزِفَةِ}: يوم القيامة، والآزفة: تعني القريبة كقوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} ويوم الآزفة؛ أي: دنا واقترب يوم القيامة، وسميت الآزفة لقربها، أنذرهم ما سيحدث في ذلك اليوم من الأهوال والحوادث المرعبة؛ لكي يستعدوا له.
{إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ}: إذ ظرفية بمعنى حين وتعني الفجأة، فمن شدة الهول والخوف وفظاعة الأمر كلّ ذلك يؤدي للتّأثير في القلب فيؤدي إلى تسرعه وشدة النّبض مما يجعل الخائف يشعر ضربات قلبه كأنّها صادرة عن حنجرته أي: كأن القلب تحرك وارتفع من مكانه وأصبح بجوار الحنجرة، دليلاً على شدة الفزع والخوف, وإذا قارنا لدى الحناجر (لدى جاءت بالألف المقصورة) مع الآية (٢٥) في سورة يوسف, وهي قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} نجد لدا جاءت في هذه الآية بالألف الممدودة, وقيل: الألف الممدودة جاءت في سياق الأمر المادي والمحسوس, وهو: الباب والألف المقصورة جاءت في سياق الأمر المعنوي كون القلوب لدى الحناجر.
{كَاظِمِينَ}: من الكظم وهو الإمساك عن إظهار الغيظ أو تجرّع الغيظ واحتماله والصّبر عليه.
أي: ممسكين غمّهم وغيظهم وحزنهم؛ لئلا يظهر للغير كما يمسك صاحب القربة فمها لئلا يخرج منها الماء، كناية عن شدة الفزع والغم.
{مَا لِلظَّالِمِينَ}: ما النّافية، للظالمين: اللام لام الاستحقاق أو الاختصاص.
{مِنْ}: ابتدائية استغراقية.
{حَمِيمٍ}: قريب ينفع، يقال: احتم فلان لفلان؛ أي: احتدّ لحمايته وفسر الحميم بالصّديق أو المحب.
{وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}: ولا شفيع يشفع له فتقبل شفاعته؛ أي حتّى ولو كان يستطيع الشّفاعة؛ أي مؤهّل للشفاعة، لا يطاع ولو يطاع لا تقبل شفاعته، نفي الحالتين معاً.