سورة غافر ٤٠: ٢١
{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِى الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}:
المناسبة: إذا كان الإنذار والوعيد لا يهزّ ولا يؤثر في قلوب هؤلاء الكفرة والمشركين، فلِمَ لا يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان هلاك من سبقهم من الأمم الّذين كذّبوا رسلهم؟!
{أَوَلَمْ يَسِيرُوا}: الهمزة للاستفهام والحثّ، الواو تدل على الكثرة، ولكون الآية مجرد إخبار، ولو كان قبلها سبباً لما بعدها لجاء بالفاء فقال: ألم يسيروا في الأرض.
{فِى الْأَرْضِ}: ولم يقل على الأرض؛ لأنّ الغلاف الجوي حول الأرض يعدّ من الأرض.
{فَيَنظُرُوا}: الفاء للمباشرة والتّعقيب.
أي: يسافروا في الأرض بنية وقصد رؤية الآثار والمساكن الخاوية على عروشها، الّتي سكنها الّذين أهلكهم الله وعذّبهم بذنوبهم من الأمم الماضية أمثال عاد وثمود ولوط وفرعون وغيرهم، ولم يقل ثم ينظروا؛ والتي تعني التّراخي في الزّمن؛ أي: يسيروا في الأرض لأسباب مختلفة وبعدها ينظروا إلى آثار الأمم السّابقة الّتي أهلكها الله سبحانه…
{كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ}: كيف للاستفهام والتّحذير.
{كَانَ عَاقِبَةُ}: حين يذكر العاقبة ويسبقها (كان) تعني العذاب والهلاك، أي: كيف كان هلاك وعذاب الّذين (اسم موصول يفيد الذّم).
{كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ}: أي جاؤوا من قبلهم أمثال عاد وثمود ولوط وفرعون، وحين يؤنث العاقبة فيقول: كيف كانت عاقبة بدلاً من فكان؛ تعني: الجنة والعاقبة الحسنة. وهذا من خصائص القرآن الكريم.
{كَانُوا هُمْ}: تكرار كانوا مرتين للتوكيد على العاقبة أولاً، وعلى شدة قوتهم وأثاراً في الأرض ثانياً، وهم: للتوكيد.
{أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً}: أشد منهم (من كفار قريش وأمثالهم) بعددهم وعدّتهم وكبر الأجسام.
{وَآثَارًا فِى الْأَرْضِ}: وبما بنوا وشيّدوا من الحصون والقصور وأقاموا المدن والحضارات القديمة، وأكبر دليل على ذلك الأهرامات في مصر وقوة الآثار تدل على قوة من بناها.
{فَأَخَذَهُمُ}: الفاء للتوكيد، فأخذهم الله بذنوبهم؛ أي: عاقبهم بذنوبهم فعذّبهم ودمّرهم، والباء بذنوبهم باء السّببية؛ أي: بسبب ذنوبهم.
{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}: ما النّافية، كان: تشمل كلّ الأزمنة، لهم: اللام لام الاختصاص لهم خاصة.
من الله: من ابتدائية، الله: اسم العلم الدّال على واجب الوجود سبحانه.
من واق: من استغراقية تستغرق كلّ واقٍ؛ أي: يقيهم من العذاب أو يدفع العذاب، يحميهم وينقذهم أو يخفف العذاب عنهم.