سورة غافر ٤٠: ٣٣
{يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}:
{يَوْمَ}: يوم نكرة للتهويل والتّرويع يوم القيامة.
١ - {تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ}: منصرفين من الموقف (المحشر) {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} الزمر: ٧١.
٢ - {تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ}: تولون: فارّين هاربين حين يؤمر بهم إلى النّار…
{مَا لَكُمْ}: ما النّافية، لكم: اللام لام الاختصاص.
{مِنَ اللَّهِ}: من ابتدائية.
{مِنْ عَاصِمٍ}: من استغراقية تشمل أيّ عاصم؛ أي: يعصمكم من عذاب الله؛ أي: يمنعكم أو يدفع عنكم عذابه، يقال: عَصَمه الطّعام؛ أي: منعه من الجوع، أو ينجيكم منه.
{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}: السّؤال هل يُضل الله أحداً؟ الجواب: لا طبعاً، من: شرطية؛ أي: من يختار طريق الضّلال والضّياع والكفر ويصر على ذلك ويمتنع عن التّوبة والإنابة، ويبتعد بعيداً عن الدّين، يتركه الله يفعل ما يريد، فإذا وصل درجة لا يُرجى معها العودة إلى الهداية عندها يطبع الله على قلبه فلا يدخله إيمان ولا يخرج منه كفر، ولن يجد له من هاد يهديه.
{فَمَا}: الفاء للتوكيد، ما النّافية.
{لَهُ}: الجار والمجرور، تقدم للاختصاص: له خاصة.
{هَادٍ}: يهديه إلى الصّراط المستقيم أو الدّين، ولم يقل: فما له من هادي.
لنقارن هذه الآية (٣٣) من سورة غافر: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.
مع الآية (١٨٦) من سورة الأعراف: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِىَ لَهُ}.
في آية غافر قال: فما له من هاد، نفى (بما) (تنفي الحال) وقدّم له: للحصر، من: استغراقية هاد؛ أي: هاد سواء كان رسولاً هادياً أو عالماً أو صديقاً هادياً واحداً يهديه ولو زمناً قصيراً.
في آية الأعراف: فلا هادي له نفى بـ (لا) (تنفي المستقبل وكل الأزمنة) وأخّر (له) أي: له ولغيره هادٍ ولو استغرقت هدايته زمناً طويلاً.
ولو جمعنا الآيتين نقول: من يضلل الله لا هادي له الآن ولا في المستقبل، ولن يستطيع أحد أن يهديه ولو صرف زمناً طويلاً أو قصيراً في هدايته.