سورة غافر ٤٠: ٤٣
{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِى إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِى الدُّنْيَا وَلَا فِى الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}:
{لَا جَرَمَ}: تعني لابد أو حقاً، أو: لا محالة، وتعني ثبت، ومشتقة من الجرم: جرم اللحم: قطع اللحم، ارجع إلى سورة هود آية (٢٢) لمزيد من البيان. وردت في القرآن في خمس آيات.
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِى الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} هود: ٢٢، {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} النّحل: ٢٣، {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} النّحل: ٦٢، {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِى الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} النّحل: ١٠٩، وآية غافر (٤٣).
{أَنَّمَا}: كافة مكفوفة تفيد التّوكيد.
{تَدْعُونَنِى إِلَيْهِ}: أي حقاً ما تدعونني إلى عبادته من دون الله من الأصنام أو الآلهة أو فرعون أو غيره.
{لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِى الدُّنْيَا وَلَا فِى الْآخِرَةِ}: ليس حرف نفي، له: اللام لام الاختصاص.
دعوة في الدّنيا ولا في الآخرة: أي هو نفسه لا يدعو أحداً إلى عبادته؛ لأنّه لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يغني شيئاً، إذن ليس له دعوة توجب عبادته، وإن دعوتموه أنفسكم، لا يسمع دعاءكم حتّى ولو سمع ما استجاب لكم؛ لأنّ الله قادر على منعه.
إذن هو ليس له شفاعة في الدّنيا ولا في الآخرة ليشفع لكم أو ليقرّبكم إلى الله زلفى.
في الدّنيا ولا في الآخرة: تكرار (لا) يفيد توكيد النّفي: لا في الدّنيا وحدها ولا في الآخرة ولا في كلاهما.
{وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ}: وأن: الواو استئنافية، أن مصدرية تفيد التّعليل والتّوكيد.
مردّنا إلى الله: أي مرجعنا إلى الله، فالواجب أن نؤمن به وحده، وقدّم مردّنا بدلاً من القول وإلى الله مردّنا؛ للحصر والتّوكيد: إلى الله وحده. ولم يقل مرجعنا؛ لأنّ مردّنا تعني الرّجوع بدون إرادتنا مكرهين، وأما الرّجوع يكون بإرادتنا وبدون كره.
{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}: وأن للتعليل والتّوكيد.
المسرفين: جمع مسرف متجاوز الحد في الحرمات؛ ويعني الإفراط في الكفر والشّرك. وتعريف المسرف: هو المفرط في فعل أو قول لا خير فيه متجاوز لحدود الله، والمقيم على المعاصي والشّرك وغيرهما. وقد تعني الظّلم وسفك الدّماء. و (المسرفين) جملة اسمية تدل على الثّبوت.
{هُمْ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد كأنّهم هم وحدهم أصحاب النّار أو هم أصحاب النّار الحقيقيون.
{أَصْحَابُ النَّارِ}: ارجع إلى الآية (٣٩) من سورة البقرة للبيان.