سورة آل عمران ٣: ١٢٢
{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}:
{إِذْ}: ظرف زماني بمعنى: واذكر حين، أو متعلق بالآية السابقة سميع عليم؛ أي: عليم إذ همت.
{هَمَّتْ}: من الهم: وهو حديث النفس نحو عملٍ ما، أو الخاطر الذي يجول في عقل الإنسان، وقد يتحول أخيراً إلى قصدٍ وعزم.
{طَائِفَتَانِ}: الطائفة: جماعة من الناس تؤمن بنفس الأفكار، أو تطوف حول أفكار واحدة، أو عقيدة واحدة.
والفرق بين الطائفة والفئة:
الطائفة: جماعة تؤمن بنفس الأفكار، أفكارها موحدة.
الفئة: جماعة من الناس لا تستطيع أن تحمي نفسها إلا إذا فاءت إلى فئة أخرى؛ لتحميها، والفئة تحمل معنى الحماية، أو النصرة، أو القتال.
طائفتان: هما بنو حارثة من الأوس، وبنو سلمة من الخزرج في طريقهما إلى معركة أحد؛ إذ هموا بالانسحاب، والعودة إلى المدينة عندما رأوا تخاذل عبد الله بن أُبي رأس المنافقين مع أصحابه، وكانوا حوالي ثلاثمئة رجل، فقالوا: علام نقتل أنفسنا وأولادنا؛ مما أدَّى ببني سلمة، وبني حارثة على التفكير بالانسحاب، ولكن لم يحدث ذلك حيث عصمهما الله تعالى.
{أَنْ}: حرف مصدري يفيد التوكيد.
{تَفْشَلَا}: من الفشل هو الخور والانسحاب، ولكنهم ثبتوا وساروا إلى أرض المعركة.
{وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}: والله متولي أمورهما وناصرهما.
الولي: هو الذي يواليك، ويُعينك حين الحاجة، أو الخوف، وينصرك إذا كان قادراً على ذلك، ولذا عصمهما من عدم الرجوع، وترك النبي مع القليل من أصحابه في أرض المعركة.
{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}: وعلى الله تقديم الجار والمجرور لفظ الجلالة يدل على الحصر، حصر التوكل على الله وحده لا غيره.
التوكل: الاعتماد على الله في كافة الأمور الدِّينية والدنيوية، وهو عمل قلبي.
والتوكل: يعني تفويض الأمر لصاحب الأمر، وهو الله تعالى، والاستعانة به بعد تقديم الأسباب. ارجع إلى سورة الأعراف آية (٨٩) لمزيد من البيان.
وفي هؤلاء المنافقين الذين رجعوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد نزل قول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ} آل عمران: ١٦٧.
ونزل أيضاً قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} آل عمران: ١٧٩.