سورة غافر ٤٠: ٦٢
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}:
{ذَلِكُمُ}: ذا اسم إشارة، ولم يقل ذلك الله ربكم، ذلكم: فيها تعظيم وتدل على الإشارة لعدّة نعم، أو دلائل على قدرة الخلق.
{اللَّهُ رَبُّكُمْ}: الله: الإله المعبود واجب الوجود، ربكم؛ أي: الخالق المدبر والمربي والرّزاق.
فقوله: الله ربكم: جمع صفتي الألوهية والرّبوبية معاً.
{خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ}: خالق من الخلق: وهو التّقدير، كل: للتوكيد، شيء نكرة تعني: أيّ شيء مهما كان – وكما قال تعالى: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فكونه خالق كلّ شيء فهذا يدل على ربوبيته.
{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: لا النّافية، إله: معبود، إلا: أداة حصر، هو: للتوكيد. ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٥٥) لمزيد من البيان في {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}. وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (١٠٢) في سورة الأنعام وهي قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ}: نجد آية الأنعام جاءت في سياق الشريك الولد والصاحبة, ولذلك نفى الشريك, وقدم كلمة التوحيد {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، ثم ذكر الخلق؛ أما في آية غافر الآية جاءت في سياق الخلق وليس الشرك, ولذلك قدم الخلق وأخر {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}.
وكونه لا إله إلا هو، فهذا يدل على وحدانيته.
{فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}: الفاء للتوكيد، أنّى: تعني كيف ومن أين، وللاستفهام والتّعجب والإنكار على إفكهم، وفيها سعة في المعنى (توسع) أكثر من كيف.
أي: كيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره مع وجود كلّ هذه الأدلة والآيات على وحدانيته، أو كيف تصرفون عن الحق إلى الباطل، تؤفكون: الإفك وهو الكذب المتعمد لقلب الحقائق.