سورة فصلت ٤١: ٩
{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الْأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ}:
المناسبة: تعود الآيات إلى ذكر المشركين وكيف يشركون بالله الذي خلق لهم الأرض والسماء في ستة أيام فقال:
{قُلْ}: لهم يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ قل لمشركي قريش.
{أَئِنَّكُمْ}: الهمزة: همزة استفهام إنكاري وتعجب؛ أي: كيف تكفرون.
{لَتَكْفُرُونَ}: اللام: لام التوكيد؛ توكيد الكفر. ارجع إلى سورة البقرة آية (٦) لبيان معنى الكفر. كفر العقيدة؛ أي: الكفر: الجحود بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
{بِالَّذِى}: الباء: للإلصاق؛ الذي: اسم موصول يفيد التعظيم، ويختص بالمفرد المذكر.
{خَلَقَ الْأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ}: ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٢، ٢٩)، وسورة الأنبياء آية (٣٠)، وسورة الأعراف آية (٥٤) لمزيد من البيان المفصل في خلق السموات والأرض.
ففي حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم وذكره البخاري في تاريخه، ورواه أحمد والنسائي: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق، وفي آخر ساعة من ساعات الجمعة فيها بين العصر إلى الليل».
وإذا قارنا هذا الحديث بما توصل إليه العلم يمكن ترتيب الحديث كما يلي: خلق الله الأرض أولاً يوم السبت، وألقى فيها الرواسي (الجبال) يوم الأحد، وخلق التربة يوم الاثنين، وخلق النور يوم الثلاثاء، وخلق النبات (الشجر) يوم الأربعاء، وخلق الدواب يوم الخميس، وخلق الإنسان يوم الجمعة أو بعد العصر من يوم الجمعة؛ هذا يعني: كل دقيقة تساوي ملايين ملايين السنين، وكل يوم يساوي ملايين ملايين السنين من الأيام الستة التي ذكرها الله تعالى، وهذا يفسر قوله تعالى: {هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا} البقرة: ٢٩، خلق أو سوى كل شيء على الأرض، ثم استوى إلى السماء؛ أي: السماء كانت موجودة فسواهن سبع سموات؛ أي: غيرهن سبع سموات؛ أي: حين غير الأرض وخلق فيها كل شيء في نفس الزمن كان يميز السماء ويخلق فيها كل شيء من نجوم وكواكب ومدارات ومجرات وشموس وأقمار.
ومثل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر الإنسان على الأرض بيوم واحد.
ونفهم من هذا الحديث لو كان عمر الإنسان على الأرض يوماً واحداً فقد مضى على وجود الإنسان من آدم إلى زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١٢) ساعة، وبقي (٣) ساعات، وهذا ما جاء في حديث آخر رواه الترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما أجلكم فيما خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس». حديث حسن صحيح.
وعلماء الفلك افترضوا لو أن عمر الكون يوم واحد فالإنسان خلق في آخر عشر دقائق من نهاية الكون؛ أي: من آدم إلى آخر مخلوق على الأرض يمثل (١٠) دقائق مقارنة بعمر الكون لو فرضنا أنه يوم واحد.
ومن آدم حتى زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمثل (٧ دقائق).
ونحن نعيش في آخر ثلاث دقائق من عمر الكون.
وإذا ما قارنا عمر الكون الذي يقدر بمليارات السنين معنى ذلك أن الساعة الواحدة تقدر بملايين السنين والدقيقة الواحدة آلاف السنين، والله أعلم.
{وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا}: الند: هو ما كان مثل الشيء يضاده في أموره، ويوم التناد يوم التنافر والتشريد. ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٢) لمزيد من البيان.
{ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ}: ذا: اسم إشارة، واللام: للبعد يفيد التعظيم.
الرب: الخالق والمالك والمربي والمنعم والرازق.
العالمين: جمع عالم الملائكة والجن والإنس، أو كل موجود سوى الله تعالى.