سورة فصلت ٤١: ٣٤
{وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ}:
{وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ}: الواو استئنافية. أيْ: لا تستويان في الجزاء والأجر. والاستواء قد يقصد به الاستواء في الجنس، أيْ: حسنة أعظم من حسنة أو سيئة أكبر من سيئة.
الحسنة: تعريفها لغةً: مؤنث حسن، عمل أو قول صالح ضد السيئة، والحسنة: هي الأعلى في الحسن، واصطلاحاً: هي كل عمل خير من قول أو فعل يورث ثواباً. أو هي كل ما يستحسنه الشرع ويتمثل بإطاعة أوامر الله وتجنب نواهيه من قول أو فعل يورث ثواباً. وقال الراغب: الحسنة يعبر بها عن كل ما يسر من نعمة تنال الإنسان في نفسه وبدنه وماله.
والسيئة لغةً: مؤنث سيء ذنب أو خطيئة عكس حسنة، ويعاقب عليها، وقيل: السيئة: الصغير من الذنوب، وقيل: الخطيئة، وقال الراغب: السيئة: الفعلة القبيحة، وهي ضد الحسنة، وقيل: هي ما يكرهها الله ويعاقب عليها.
وتكرار (لا) يفيد التوكيد. كان بالإمكان القول ولا تستوي الحسنة والسيئة، ولكن أضاف ولا السيئة للتوكيد، وفصل كل منهما عن الآخر، أيْ: لا تستوي الحسنة مع السيئة ولا تستوي الحسنة مع الحسنة، ولا تستوي سيئة مع سيئة، فالحسنات درجات والسيئات درجات.
{ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ}: الدفع: أي: الرد بقوة.
أما الدرء فهو الرد بسرعة. فدفع (أي: ردُّ) السيئة بالحسنة وبالعفو والصفح ودفع الذم بالمدح والجهل بالعلم والتسرع بالحلم والصبر.
وقد ورد درء السيئة بالحسنة في آيتين، فقال تعالى: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} الرعد: ٢٢ و القصص: ٥٤.
والدرء يعني كما قلنا: دفع أو رد السيئة بالحسنة بقوة وبسرعة، ومن دون تأخير.
{فَإِذَا}: الفاء للترتيب والتعقيب. إذا: ظرفية زمانية تفيد المفاجأة.
{الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ}: أيْ: إذا دفعت السيئة بالحسنة أصبح عدوك أو الذي أساء إليك كالصديق الحميم: أي: القريب في المودة. صديق مقرب مُعين.
وقد تقوم بدفع السيئة بالحسنة وتفعل ما بوسعك إلى الإحسان إليه، ولا يجدي فيه العفو والصفح فعندها فوِّض أمرك إلى الله تعالى.
وإذا حاولت القيام بالدفع فتأكد أن الشيطان سيبدأ يوسوس إليك، ويذكرك بعداوة الذي وقع إليك بالسيئة، فعندها استعذ بالله وعليك أن تطرد الشيطان وتقاومه ابتغاء مرضات الله.