سورة فصلت ٤١: ٤٠
{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِى النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِى آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}:
{إِنَّ}: للتوكيد، {الَّذِينَ}: اسم موصول.
{يُلْحِدُونَ}: من الإلحاد. من ألحد، أيْ: مال من القصد والاستقامة وألحد في دين الله، أيْ: حاد عن دين الله وعدل عنه.
والإلحاد: في اللغة الميل عن الاستقامة.
والإلحاد يشمل الإنكار، إنكار وجود الله أو أسمائه أو صفاته.
{يُلْحِدُونَ فِى آيَاتِنَا}: يميلون عن آياتنا بالتكذيب والطعن والتحريف والتأويل الباطل واللغو فيها.
{لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}: لا: النافية، يخفون: أيْ: نحن نعلمهم أين هم وما يعملون، وما يكنون في صدورهم، أو يخفون من المكر والكيد. والإخفاء يكون للأمور المادية والمعنوية.
{لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}: هذا وعيد لهم. أيْ: سنجازيهم على إلحادهم بإلقائهم في نار جهنم.
{أَفَمَنْ}: الهمزة للاستفهام بمعنى التقرير.
{يُلْقَى فِى النَّارِ}: بسبب كفره وإلحاده واتِّباعه الباطل.
{خَيْرٌ}: أفضل وأحسن.
{أَمْ مَنْ}: أم: للإضراب الانتقالي، من: للاستفهام.
{يَأْتِى آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: أيْ: غير خائف بسبب إيمانه وتوحيده وعبادته.
قيل: نزلت هذه الآية في:
أبو جهل (يلقى في النار) وأبو بكر الصديق (يأتي آمناً).
أبو جهل (يلقى في النار) وعمار بن ياسر (يأتي آمناً).
الكافر (يلقى في النار) والمؤمن (يأتي آمناً).
ثم أكَّد سبحانه التهديد للكفرة والملحدين بقوله:
{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}: أيَّ شيء تريدون عمله من خير أو شر {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} المدثر: ٣٨. وقد يظن، أو يستعمل البعض هذه الآية للدلالة على الإباحة، وهي ليست كذلك؛ فالله سبحانه: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} الزمر: ٧، فالآية جاءت للهداية والإنذار.
ما: مصدرية، أو اسم موصول. (ما) تستعمل للشيء غير المحدد وتستعمل للمفرد والمثنى والجمع.
{اعْمَلُوا}: فعل أمر يراد به هنا التهديد والوعيد، وليس الإباحة كما قلنا، فلا يظن أحد أن الله سبحانه أباح لأيِّ إنسان بأن يعمل ما يشاء ولا يحاسب على عمله، كما قال تعالى: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} الإسراء: ٧.
{إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: إنه للتوكيد، وهاء الضمير تعود إلى الله سبحانه.
{بِمَا}: الباء للإلصاق. {تَعْمَلُونَ}: من خير أو شر. {بَصِيرٌ}: عالم بأعمالكم ومطلع عليها.
قدَّم تعملون على بصير؛ لأن الآية في سياق الأعمال، والجملة بما تعملون جملة تعليلية تتضمن الوعيد والتهديد.