سورة البقرة ٢: ٣٣
{قَالَ يَاآدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}:
نادى الله -جل وعلا- آدم -عليه السلام- : يا آدم، {أَنبِئْهُم}؛ مشتقة من نبأ، على وزن فعل، تحتاج إلى وقت أطول من أنبأهم، على وزن أفعل، التي فيها اختصار للزمن؛ أي: أنبأهم بسرعة، ووردت {أَنبِئْهُم}، ومشتاقاتها في (٤٦) آية. وأنبئهم: النبأ: أعظم من الخبر، والخبر عام، والنبأ خاص.
{فَلَمَّا}: الفاء؛ للتعقيب، والترتيب.
{أَنْبَأَهُمْ}: أي: بسرعة، اختصار للزمن، ووردت في القرآن، في (٤) آيات. ارجع إلى سورة التحريم آية (٣) لمزيد من البيان ومعرفة الفرق بين أنبأك ونبئك.
{بِأَسْمَائِهِمْ} بأسماء المسميات، ورغم كون هذه المسميات للعاقل، وغير العاقل، فهو قد غلب العاقل على غير العاقل، وقال: بأسمائهم.
قال تعالى: {أَلَمْ}: الهمزة: استفهام تقريري.
{أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّى}: إني: للتوكيد.
{أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: أعلم ما غاب، واستتر في السموات، والأرض. ارجع إلى الآية (٣) من نفس السورة.
{وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}؛ وأعلم على وزن أفعل، صيغة مبالغة، لفعل علم.
{تُبْدُونَ}: الإبداء: الإظهار؛ تقولون علناً، كقولكم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}.
{وَمَا}: تكرار ما، يفيد التّوكيد، وكذلك استقلال كلا الأمرين؛ الإبداء، والإخفاء؛ من القول.
{وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}: الكتمان: السكوت عن ذكر خبر أو أمر ما، والكتمان يختص بالأسرار والأخبار، وهو حالة من حالات الإخفاء الذي هو أعم من الكتمان، والإخفاء يكون بالأشياء الحسية المادية أو المعنوية حين قالت الملائكة: لن يخلق الله خلقاً، أكرم على الله، ولا أعلم منا، فجاء الرد الإلهي على قولهم بأمرين: الأول: لما قالوا: لا أكرم على الله منا، قال: اسجدوا لآدم، بذلك تبين لهم، أنهم ليسوا أكرم عند الله من آدم.
والأمر الثّاني: لما قالوا: لا أعلم منا، قال تعالى: {أَنبِـئُونِى بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}، إذن كانوا خاطئين، في كلا القولين.
وجاء بصيغة المضارع {تَكْتُمُونَ}؛ بدلاً من كتمتم؛ لاستحضار فعل الكتمان، كأنه يحدث الآن، لعظم ما قالوا (وهذا ما يسمى حكاية الحال).