سورة الجاثية ٤٥: ١٤
{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِىَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}:
{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا}: قل يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للذين آمنوا، اللام لام الاختصاص.
{يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}: قيل: نزلت هذه الآية في جماعة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة يعانون من أذى المشركين، وكانوا في حالة ضعف قبل أن يؤمروا بالجهاد، فنزلت هذه الآية، وقال ابن عباس: نزلت في غزوة بني المصطلق حين اختلاف غلام عمر مع غلام عبد الله بن أُبَيٍّ، وقال عبد الله بن أُبَيٍّ تلك المقولة الشّهيرة: سمِّن كلبك يأكلك، فنزلت هذه الآية تطلب من الصّحابة أن يغفروا لهؤلاء الّذين لا يرجون أيام الله.
وهناك من المفسرين من قال: نسخت هذه الآية بآية الجهاد.
{يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}: يتجاوزوا ويعفوا ولا يعاقبوا، للذين: اللام لام الاختصاص، لا يرجون أيام الله: لا النّافية، لا يؤمنون بلقائه أو بالبعث أو الحساب والجزاء، أو لا يرجون أيام الله: أيْ: لا يصدقون ولا يؤمنون بما وقع وما حدث للأمم السّابقة مثل قوم نوح وعاد وثمود، أن يحدث لهم أو يصيبهم مثل ما أصاب غيرهم من المشركين.
وقيل: لا يرجون أيام الله: لا يَدْرُون أو يعلمون كثرة أنعم الله عليهم ولا يشكرون الله عليها.
وقال تعالى: يغفروا ولم يقل: ليغفروا: لم يجئْ بلام التّوكيد، أيْ: لا تردوا السّيئة بالسّيئة، وإنما ادفعوا السّيئة بالّتي هي أحسن.
{لِيَجْزِىَ}: اللام لام التّعليل، الجزاء: أعم من الأجر ويكون مقابل العمل الصّالح أو السّيِّئ.
{قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}: فالأجر يأتي في سياق العمل الصّالح والخير والجزاء يأتي في سياق العمل الصّالح أو السّيِّئ، قوماً بما كانوا يكسبون: بما: الباء سببية أو للتعليل، ما: اسم موصول بمعنى الّذي، قوماً: أيْ: ليجزي كلاً من الفريقين، أي: الّذين غفروا والذين لا يرجون أيام الله، بما كانوا: في الحياة الدّنيا، يكسبون: من الأعمال الصّالحة أو الأعمال السّيئة.
ولمعرفة الفرق بين يكسبوا أو اكتسبوا: ارجع إلى الآية (٢٨٦) من سورة البقرة.