سورة آل عمران ٣: ١٥٥
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}:
{إِنَّ}: للتوكيد.
{الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ}: أي: انهزموا يوم أُحُدٍ منكم، وتولوا عن القتال، ولم يقاتلوا منكم يا معشر المسلمين.
{يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}: يوم أُحُدٍ يوم التقى جمع المسلمين، وجمع الكافرين؛ فقد تولَّى أكثر المسلمين، ولم يبق مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا ثلاثة عشر رجلاً، كما ذكرت الروايات.
{إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ}: إنما: كافة مكفوفة تفيد التوكيد. استزلهم: بمعنى أزلهم ولكن أكثر تأكيداً ومبالغة في الزل؛ فقد كانت أُحد أعظم الزلات.
استزلهم الشيطان: بالوسوسة، والتزيين، الألف والسين والتاء؛ تعني: الطلب؛ أي: طلب منهم الشيطان أن يزلُّوا؛ لأنه علم فيهم ضعف الإيمان، والشيطان لا يستزل إلا الضعيف، والزلل: هو العثرة، والهفوة، مثل انزلاق القدم، وسقوط صاحبها، والسقوط، أو الوقوع في الخطأ الذي قد يؤدي إلى ما هو أعظم غير متوقع، والإثم هو توليهم عن القتال، وانسحابهم من أرض المعركة، وترك مواقعهم في جبل أُحُدٍ، ومخالفة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الشيطان: ارجع إلى الآية (٣٦) من سورة البقرة؛ للبيان.
{بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}: أوقعهم الشيطان ببعض الذنوب؛ كالطمع في الغنيمة، وكره القتال، أو الجهاد في سبيل الله، ومعصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
{وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}: الواو: عاطفة، لقد: اللام: للتوكيد، قد: للتحقيق والتوكيد، عفا الله عنهم: لتوبتهم، واستغفارهم ربهم.
والعفو هو: ترك العقوبة على الذنب. ذنب معصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
{إِنَّ}: للتوكيد.
{غَفُورٌ}: صيغة مبالغة كثير الغفر مهما كثرت أو عظمت الذنوب؛ فالله يغفرها؛ إلا الشرك. صيغة مبالغة.
{حَلِيمٌ}: لا يعجل العقوبة لعباده؛ لعلهم يتوبون، وينيبون إليه، ذو الصفح، والأناة، حليم لمن عصاه مع القدرة على العقوبة.