سورة محمد ٤٧: ٣٢
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْـئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: إن للتوكيد، الّذين: اسم موصول يفيد الذم.
{كَفَرُوا}: بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمّد نبياً ورسولاً، أو كفروا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
{وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: صرفوا أو منعوا غيرهم من الدّخول في الإسلام، أو فعل الخيرات والأعمال الصّالحة، أو حاربوا الإسلام، أو إعلاء كلمة الله بشتى الوسائل.
{وَشَاقُّوا الرَّسُولَ}: أي: خالفوا الرّسول وعادوه وحاربوه، وأصل المشاقة أن تصير في شق غير شق عدوك.
والشّق هو الّذي يفصل بين الشّيئين ويعني: الخلاف من جراء الاستهزاء بالدين، أو الآيات، أو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}: أي: من بعد أن تبيَّن لهم في كتبهم صدق نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه حق والإسلام حق، والمرجح أن هذه الآية نزلت في يهود بني قريظة والنضير؛ لأن إضافة وشاقوا الرسول تدل على اليهود، وخاصة أنه قد سبق ذكر المشركين والكفار والمنافقين في الآيات السابقة.
{لَنْ}: أداة نفي تنفي المستقبل القريب والبعيد.
{يَضُرُّوا اللَّهَ}: أي: بكفرهم وصدهم عن سبيل الله تعالى دين الله وإصرارهم على الكفر، لن يضروا الله الآن ولا في المستقبل القريب والبعيد ولا في أيِّ زمن.
{شَيْـئًا}: نكرة، أي: مهما كان نوع أو شكل هذا الضرر ومقداره وجهته، والشيء هو أقل القليل، وسواء أكان حسياً أم مادياً.
وشقاق الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو شقاق المؤمنين هو شقاق لله تعالى ومعاداة الرسول أو معاداة المؤمنين هي معاداة لله تعالى.
وفي هذه الآية تهديد لهؤلاء الكفار.
{وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}: السين للاستقبال القريب، أي: في الدنيا ناهيك عن الآخرة، إذن نفهم من هذه الآية أن معاداة الرسول من محبطات العمل الصالح.