سورة الفتح ٤٨: ١٠
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}:
{إِنَّ}: للتوكيد.
{الَّذِينَ}: اسم موصول يفيد المدح.
{يُبَايِعُونَكَ}: الخطاب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والبيعة: هي العهد على الطاعة لولي الأمر، وبشكل عام: هي أخذ العهد على فعل ما، وإذا بايعوا الولي جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد فأشبه ذلك البائع والمشتري، ولذلك سميت بيعة، وهي بيعة الرّضوان بالحديبية في السّنة السّادسة من الهجرة. والحديبية: قرية صغيرة قرب مكة تدخل في حدود الحرم، وكانوا (١٤٠٠) مسلم.
بايع المسلمون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قتال أهل مكة؛ لأنّهم منعوهم من دخول الحرم للعمرة فبايعوه على الموت في سبيل الله وعدم الفرار.
يبايعونك: مشتقة من البيع؛ أي: هم باعوا أنفسهم في سبيل الله بالجنة.
{إِنَّمَا}: كافة ومكفوفة تفيد التّوكيد.
{يُبَايِعُونَ اللَّهَ}: أي جعل الله سبحانه مبايعة النّبي -صلى الله عليه وسلم- بمنزلة مبايعتهم له سبحانه.
أي: من يبايعونك إنما يبايعون الله، وهذا تشريف عظيم له -صلى الله عليه وسلم-.
{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}: لتأكيد البيعة، فقد كان كل صحابي يأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبايعه، يد الله فوق أيديهم هذا مجاز لغوي؛ يعني: الله سبحانه حاضر وشاهد على البيعة.
{فَمَنْ نَكَثَ}: الفاء للتوكيد، من: شرطية، نكث: نقض العهد أو البيعة فلم يقاتل وينصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}: أي عاقبة أو وبال نقضه العهد يرجع عليه وحده ولا يتجاوزه إلى غيره.
فإنما: الفاء للتوكيد، إنما كافة مكفوفة تفيد التّوكيد.
ينكث على نفسه: أي وقع عقاب النّقض أو النّكث على نفسه وحده.
{وَمَنْ أَوْفَى}: من شرطية، أوفى: أي أتمّ عهده ولم ينكث، وحافظ على عهده.
{بِمَا}: الباء للإلصاق والملازمة، ما: بمعنى الذي عاهد عليه الله.
{عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ}: عليهُ جاء بالضّمة بدلاً من الكسرة ولم يقل عليهِ؛ لأنّ الضّمة أثقل الحركات (من الفتح أو الكسر) جاء بها لتدل على أنّ هذا العهد هو أثقل العهود؛ أي: استعمل أثقل الحركات وهي الضّمة لأثقل العهود أو البيعات. وهناك من قال بناء الضمير (عليهُ) بالضم لغة الحجاز، أو البناء على الضم يدل على التفخيم لكي يفخم هذا العهد.
{فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}: الفاء رابطة لجواب الشّرط تفيد التوكيد.
فسيؤتيه: السّين للاستقبال القريب، الإيتاء هو العطاء وهناك فرق بينهما. ارجع إلى الآية (٢٥١) من سورة البقرة للبيان.
أجراً عظيماً: أي الجنة.
وقيل: لم ينكث من الصّحابة أحدٌ غير رجلٍ واحدٍ هو الجدُّ بن قيس وكان من المنافقين.