سورة الفتح ٤٨: ٢٧
{لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}:
المناسبة: كما قال قتادة ومجاهد: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رأى في المنام أنّه دخل مكة وأصحابه، وطاف بالبيت وحلقوا رؤوسهم وقصّروا، وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بتلك الرّؤيا وهم في المدينة قبل الخروج إلى الحديبية، فلما رجعوا بدون دخول مكة ولم يعتمروا ويطوفوا بالبيت، شقَّ عليهم ذلك وكانت أكبر فتنة يومها، وقال المنافقون: أين رؤياه التي رآها؟ والحقيقة: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يخبرهم بالعام أو الزّمن؛ أي: متى سيدخل مكة.
{لَّقَدْ}: اللام للتوكيد، قد: للتحقيق والتّوكيد.
{صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ}: أي جعل رؤيا الرّسول -صلى الله عليه وسلم- حقاً، أو صدقاً.
الرّؤيا: هنا الرّؤيا المناميّة؛ أي: ما يراه النائم وليست الرّؤية البصريّة. والحق: الأمر الثابت الذي لم يتغير أو يتبدل، والحق نقيض الباطل، والريا بالحق: أي: الصدق.
{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}: اللام والنّون للتوكيد، تدخلنَّ المسجد الحرام: للعمرة والزّيارة في العام القادم.
{إِنْ شَاءَ اللَّهُ}: إن شرطية تفيد الاحتمال، شاء الله: بإذن الله تعالى ومشيئته.
{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}: حلق الشعر أو التقصير جزء من مناسك العمرة (والجزء يدل على الكل)؛ أي: آمنين تقومون بأعمال أو مناسك العمرة كاملة لا تخافون، وحلقُ الرّأس والتّقصير يكون بعد إتمام العمرة، وهذا يدل على أنهم سيدخلون، ويتمون العمرة بأمن وطمأنينة، وعدم الخوف.
{لَا تَخَافُونَ}: لا النّافية، عدواً، تخافون: أحداً، والنون للتوكيد بدلاً من القول لا تخافوا.
{فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا}: أي: علم سبحانه ما لم تعلموا من الحكمة والمصلحة والمنفعة في تأخير العمرة وعدم دخول مكة هذا العام وما في الصّلح من خير للمسلمين. وكذلك علم ما لم تعلموا من أنكم ستفتحون خيبر وأنتم لا تعلمون ذلك.
{فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ}: أي جعل من دون فتح مكة أو فتح الحديبية.
{فَتْحًا قَرِيبًا}: هو فتح خيبر.