سورة الذاريات ٥١: ٢٨
{فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}:
{فَأَوْجَسَ}: الفاء للترتيب والمباشرة, أوجس: أضمر أو أحس وشعر بالخوف منهم، فقد حاول إبراهيم أن لا يطلعهم على خوفه، ولكن الخوف سرعان ما ظهر على وجهه.
وخاف منهم؛ لأنّ العُرف أنّ الضّيف إذا نزل بقوم وقدَّموا له الطّعام ليأكل منه فامتنع، فيسألونه عندها إذا كان له طلب حتى يستجيبوا له، فإذا استجابوا له أكل بعدها, وإذا رفضوا الاستجابة له لا يأكل، ويغادر ونادراً جداً أن لا يأكل الضيف، فعندما رأى الملائكة الخوف على وجه إبراهيم، قالوا لإبراهيم: لا تخف إنا رسل ربك إنا أرسلنا إلى قوم لوط. وإذا قارنا هذه الآية وهي قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} مع الآية (٦٧) من سورة طه وهي قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}: نجد أن هناك اختلافاً في الآيتين؛ ارجع إلى سورة طه آية (٦٧) لمعرفة الاختلاف.
{وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}: البشرى الإخبار بخبر سار لأول مرة, بشروا إبراهيم بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب.
{بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}: الباء للإلصاق والملازمة, عليم: ذي علم كثير, غلام هو الولد الذي سيبلغ الحلم ويصبح كثير العلم؛ أي: إسحاق -عليه السلام- ، كما أشارت الآيات الأخرى في سورة الصافات آية (١١٢).
فالبشارة تضمنت أمرين الأول كونه غلاماً ذكراً, والثّاني كونه عليماً والعلم من أكمل الصّفات، وفي سورة الصافات آية (١٠١) قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}، ويعني: إسماعيل -عليه السلام- .