سورة آل عمران ٣: ١٨٦
{لَتُبْلَوُنَّ فِى أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}:
{لَتُبْلَوُنَّ}: اللام: لام التوكيد، والنون الثقيلة في تبلونَّ تفيد التوكيد؛ أي: زيادة التوكيد في الابتلاء.
تبلون: من الابتلاء، وهو الاختبار، ولكن لا يكون ابتلاءً إلا بتحمل المكاره والمشقة، ويكون بالخير، والشر، والبلاء يكون في الأموال (بالإنفاق، أو النقص بسبب الآفات أو غيرها)، أو الأنفس بالقتل، والجهاد، والجراح، والألم، والمخاوف، والمصائب، والعبادات، والأمراض، وفقد الأحبة.
وقد يكون الاختبار بالخير؛ أي: بالإنعام على الفرد، ولا يقال: يُبتلى الإنسان بالنعمة.
{فِى أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ}: وقدَّم في أموالكم؛ لأنها الأكثر ابتلاءً على أنفسكم.
{وَلَتَسْمَعُنَّ}: الواو: عاطفة، واللام للتوكيد، والنون في لتسمعنَّ: لزيادة التوكيد على السماع {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (اليهود والنصارى)، {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} (مشركي العرب).
{أَذًى كَثِيرًا}: الأذى هو الحدث الذي يؤلم لفترة ما، ثم ينتهي أما الضرر فيكون له آثار طويلة بعد وقوعه.
والأذى مثل الطعن في دينكم، وصد الناس عن الدخول في الإسلام، والاتهامات الباطلة، وغيرها.
{وَإِنْ}: الواو: استئنافية، إن: شرطية.
{تَصْبِرُوا}: جاءت بصيغة المضارع؛ لتدل على التجدد والاستمرار.
وإن تصبروا على الابتلاء في المال، وفي النفس، وغيرها، وتصبروا على أذى الذين أوتوا الكتاب، وأذى الذين أشركوا.
{وَتَتَّقُوا}: تستقيموا على تقواكم، وتستمروا بامتثال أوامر الله وتجنب نواهيه.
{فَإِنَّ}: الفاء: رابطة لجواب الشرط، وتفيد التوكيد.
{ذَلِكَ}: اسم إشارة، واللام: للبعد، والكاف، للخطاب، ذلك الصبر، والتقوى، وهو من باب الندب.
{مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}: العزم: هو القوة، والقدرة على إنجاز الفعل، ويعين على القيام به أن تجمع له القوة، والصبر، والتقوى، وهذه الأمور بحد ذاتها؛ أي: التقوى، والصبر، والقوة من الأمور التي تحتاج إلى عزم.