سورة آل عمران ٣: ١٨٨
{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:
{لَا تَحْسَبَنَّ}: لا: الناهية، تحسبن: ارجع إلى الآية (١٧٨) من نفس السورة.
{الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}: ارجع إلى الآية (١٧٠) في نفس السورة لبيان معنى الفرح؛ هذه الآية لها معانٍ كثيرة مختلفة نذكر منها:
١ - تخلَّفوا عن الخروج إلى غزوة أُحُدٍ، ورجعوا بعد أن ساروا مسافة، ثم فرحوا بعدم خروجهم حيث لم تنلهم هزيمة، أو قتل، ويحسبون أنهم يحمدون على ما فعلوه؛ لكونهم أشاروا على النبي والمسلمين بعدم الخروج خارج المدينة؛ لقتال المشركين.
٢ - قد تعني من أتى المعصية أياً كانت، ثم يفرح ويجاهر بها، ثم يُحب أن يُحمد على فعلها.
٣ - يفرحون بما أوتوا من علم التوراة، أو يفرحون بما كتموه من صفات، ونعت النبي، ويحبون أن يحمدوا على ذلك الكتمان، أو بما لم يفعلوا من اتباع دين إبراهيم والإسلام، وهذا الفرح من الفرح المذموم. ارجع إلى الآية (١٧٠) من نفس السورة لبيان معنى الفرح وأنواعه.
٤ - وروى البخاري: أن رجالاً من المنافقين في زمن الرسول كانوا إذا خرج إلى الغزو تخلَّفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلافه؛ فإذا رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم اعتذروا منه، وأن المصلحة كانت في التخلف، وأحبوا أن يحمدوا على ذلك.
{فَلَا تَحْسَبَنَّهُم}: تكرار فلا تحسبنَّهم تفيد التوكيد.
{بِمَفَازَةٍ}: أي: بمنجاة من العذاب، ولهم عذاب أليم.
والمفازة: هي المكان الذي يظن الإنسان أن فيه نجاته.
والمفازة: هي الصحراء، وهي مهلكة، ويطلق عليها مفازة تفاؤلاً بأن الذي يسلكها يفوز.
{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: لهم: اللام: لام الاستحقاق، عذاب أليم: شديد الإيلام، ودائم. ارجع إلى الآية (٦١) من سورة الزمر؛ لمزيد من البيان.