سورة آل عمران ٣: ١٩٦
{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى الْبِلَادِ}:
{لَا}: الناهية.
{يَغُرَّنَّكَ}: الخطاب موجَّه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإلى كل مسلم ومؤمن.
يغرنك: مشتقة من الغُرور: بضم الغين: وهو الخداع، ونون النسوة في يغرنك: للتوكيد، ولم يقل: لا يغررك تقلب الذين كفروا؛ أي: لا يخدعنك. والغرور: إظهار الأمر الضار في صورة النافع؛ أي: الخداع.
{تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى الْبِلَادِ}: تجارة، وصناعة، ومكاسب الذين كفروا في البلاد، وما هم عليه من الرخاء، والسعة، والبسط. والتقلُّب في الأصل: الخروج من أرض إلى أرض طلباً للتجارة، والرزق، واستعير التقلب بدلاً عن الضرب في الأرض؛ لأن تقلُّبهم في البلاد ليس له خَلاقٌ في الآخرة، إنما خَلاقُه منحصر في الدنيا، والدنيا كلها متاع الغُرور.
وإذا قارنا هذه الآية من آل عمران: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، مع الآية (٤) من سورة غافر: {مَا يُجَادِلُ فِى آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَادِ}:
في آل عمران: {لَا يَغُرَّنَّكَ}: أكد الاغترار بنون النسوة الثقيلة، بينما في غافر لم يؤكد فلا يغررك؛ لأن السياق في آل عمران جاء في الابتلاء في الأموال، والأنفس، والإيذاء في سبيل الله والهجرة، بينما في سورة غافر: جاء في سياق الجدال في آيات الله.
فتقلُّب الذين كفروا: هو الأشد مقارنة بتقلب الذين يجادلون في آيات الله، ولكونه الأشد أكد بقوله: لا يغرنك، وأما في تقلب الذين يجادلون، قال: لا يغررك؛ لم يؤكد.