سورة النساء ٤: ٤
{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَىْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا}:
{وَآتُوا النِّسَاءَ}: الواو: عاطفة؛ عطف آتوا النساء على آتوا اليتامى، وآتوا: من الإيتاء، ويعني: العطاء وغيره؛ ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٥١) للمزيد في معنى الإيتاء والعطاء والفرق بينهما.
أي: وأعطوا النساء: الأزواج بعد أن تم عقد القران.
{صَدُقَاتِهِنَّ}: المخاطب هم الأزواج (الناكحين) حيث كان الرجل يتزوج بلا مهر فيقول أرثك وترثني، ثم تقول المرأة: نعم فنزلت هذه الآية، وقيل: المخاطب أيضاً الأولياء؛ مهورهنَّ فريضة من الله تعالى فرضها على الرجل؛ فلا يحل له، ولا لولي الأمر أن يأخذ من المهر شيئاً إلا برضا الزوجة، وعطف آتوا النساء صدقتهن على آتوا اليتامى أموالهم ذلك لأن حق المرأة وحق اليتيم يجب الإيفاء بهما؛ لأن المرأة واليتيم مستضعفان من المجتمع.
{نِحْلَةً}: أيْ: العطية، أو ما يعطيه الإنسان عن طيب نفس، ورضاً بلا مقابل، أو عوض.
{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَىْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا}: فإن: الفاء: استئنافية. إن: شرطية تفيد الاحتمال، أو الندرة.
{طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَىْءٍ}: أي: تنازلت المرأة عن شيء من المهر، أو حقها وبدون إكراه أو ضغط؛ فكلوه: ولم يقل فخذوه، وإنما قال تعالى {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا}.
والشرع يقول: مهر الزوجة لها، وفي هذه الآية فتح لها باباً للفضل؛ فإن تنازلت الزوجة عن شيء من المهر إلى الأب، أو الأقارب، أو الزوج، وهو المقصود في هذه الآية، فلا مانع؛ على شرط أن يكون طيب نفس.
فما معنى (هنيئاً مريئاً)؟
الهنيء: هو الذي تجد فيه لذة حين أكله، أو شربه (تقول: الطعام طيب).
المريء: سهل الهضم، لا يسبب متاعب هضمية مثل حرقة، أو تخمة، أو مغص؛ أيْ: ألم؛ لأنك قد تجد شيئاً تأكله، وتستلذ به، ثم يسبب لك متاعب هضمية، فهو هنيء، ولكن غير مريء. فكل طعام قد يكون هنيئاً، ولكن غير مريء، أو بالعكس.
فهو شبّه أخذ شيءٍ من مهر الزوجة بالأكل الذي يجب أن يكون هنيئاً مريئاً عن طيب نفس من دون ضرر لها، أو كره، أو خديعة، أو ظلم، أو مداهنة، أو بسبب حياء، أو غيره.