سورة النساء ٤: ١٣
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}:
إشارة إلى الأحكام التي تقدَّمت في شأن اليتامى والمواريث. ويسميها سبحانه حدوداً، وحين يضع حدوداً؛ فعلينا ألا نتعداها إذا كانت في الأوامر، أو نقرب منها إذا كانت في النواهي.
أيْ: يستعمل {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا}: في الأوامر، مثل: الزواج، والطلاق، واليتامى، والمواريث.
ويستعمل: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}: في النواهي، مثل: الخمر، والميسر، والأنصاب.
{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}:
{وَمَنْ}: تدل على الواحد، أو المثنى، أو الجمع. من: الاستغراقية.
{يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: في الأحكام، والأوامر، والنواهي، والمواريث وغيرها.
{تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}: ولم يقل: تحتها، وإنما من تحتها الأنهار؛ أيْ: تنبع من تحتها الأنهار؛ أنهار الجنة.
{خَالِدِينَ فِيهَا}: ولم يقل: خالداً فيها؟ لأن الوحدة فيها وحشة، وعذاب، وغير مستحبة للنفس.
وقيل: إن الإنسان يأنس بأهله في الجنة، ولذلك يذكر: {خَالِدِينَ فِيهَا}: بصيغة الجمع حين يذكر الجنة في غالب الأحوال، وخالداً فيها حين يذكر النار؛ لأن الوحدة والعزلة أشد وأقسى على العبد.
{وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}: صيغة مبالغة، والأعظم أشد مبالغة من العظيم، والواو في ذلك تفيد التوكيد. ارجع إلى الآية (٧٣) من نفس السورة للبيان في معنى الفوز وأنواعه.