سورة الحديد ٥٧: ٢٢
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}:
{مَا أَصَابَ مِنْ}: ما النّافية, أصاب من: استغراقية تستغرق كلّ مصيبة مهما كانت صغيرة أو كبيرة، ومهما كان نوعها.
{أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ}: المصيبة: في اللغة هي كلّ ما يصيب الإنسان من خير أو شر وتستعمل غالباً في الشّر, مصيبة في الأرض: من حرائق أو فيضانات أو قحط أو جدب، أو كوارث جوية وريح عاصفة وغيرها.
{وَلَا فِى أَنفُسِكُمْ}: بالمرض وفقد الولد أو المال أو الموت, تكرار (لا) يفيد توكيد النّفي وفصل كلّ منهما على حدةٍ أو كلاهما معاً, أنفسكم: ولم يقل نفوسكم، أنفسكم لا تعني كلّ نفس، ونفوسكم تعني كلّ نفس ذكر أو أنثى.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{فِى كِتَابٍ}: في ظرفية, مكتوبة في اللوح المحفوظ منذ الأزل من قبل أن نبرأها.
{مِنْ قَبْلِ}: تعني زمناً غير معين.
{أَنْ نَّبْرَأَهَا}: أن حرف مصدري يفيد التّعليل والتّوكيد, نبرأها: تعود على الأنفس. برأ الخلق: أوجدهم على غير مثال سابق، أو نخلقها ونصوّرها على أشكالها المختلفة, وقوله نبرأها: بصيغة الجمع للتعظيم وعظم البرء.
{إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}: إنّ للتوكيد, ذلك: اسم إشارة يشير إلى البرء, على الله: تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر, يسير: هيّنٌ سهلٌ، والله سبحانه ليس عنده صعب أو هيّن، وإنما يذكر ذلك للتقريب لعقول البشر.
انتبه إلى هذه الملاحظة: دائماً في القرآن كلمة (أصاب) تصاحب مصيبة, مصيبة أصلها من: الإصابة، والإصابة ضد الخطأ؛ أي: أصاب فلان الهدف؛ أي: لم يخطئ.
قدّم (في الأرض) على (في أنفسكم)؛ لأنّ ما يقع في الأرض بشكل عام من كوارث أكثر من المصائب التي تصيب الأنفس، أو لأنّ المصائب تصيب الأرض أوّلاً ثمّ تؤثّر في الأنفس ثانياً.