سورة الصف ٦١: ٥
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِى وَقَدْ تَّعْلَمُونَ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}:
المناسبة: بعد أن ذكر الله تعالى أنّه يحب الذين يقاتلون في سبيله كأنّهم بنيان مرصوص يذكر الله طرفاً من قصة موسى عليه السلام مع قومه حين دعاهم إلى قتال القوم الجبارين ودخول الأرض المقدسة فخالفوه وعصوه، وقالوا له: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.
{وَإِذْ}: تعني: واذكر إذ قال موسى لقومه.
{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ}: ياء النّداء نداء فيه التّودُّد والتّحبُّب والاستعطاف، واللام في كلمة لقومه للاختصاص.
{لِمَ تُؤْذُونَنِى}: لم: استفهام تعجبي واستنكاري، تؤذونني: بأقوالكم وأفعالكم، كما ذكر ذلك في سورة الأحزاب الآية (٦٩): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}، أو تؤذونني بالعصيان ومخالفة أوامر الله سبحانه. وعبادة العجل والتكذيب بآيات الله وعدم دخول الأرض المقدسة أو اتهامه بعيوب غير حقيقية وقذفه بالباطل.
{وَقَدْ تَّعْلَمُونَ}: قد للتحقيق والتّوكيد.
{تَّعْلَمُونَ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}: من خلال كلّ هذه الآيات والمعجزات كانفلاق البحر والغمام والمن والسّلوى وانفجار الحجر ورفع الطّور ومن خلال التّوراة والألواح، أنّي: للتوكيد، رسول الله إليكم: خاصة (أيْ: لبني إسرائيل).
{فَلَمَّا زَاغُوا}: الفاء للترتيب والتّعقيب، زاغوا: من الزّيغ وهو الميل عن اتِّباع الحق إلى اتِّباع الباطل، زاغوا عن الإيمان وانصرفوا عنه إلى ارتكاب المعاصي والآثام وقتل الكثير من الأنبياء. وزاغوا مأخوذة من زيغ الأسنان أيْ: ميل بعضها عن بعض والحاجة إلى تقويمها.
{أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}: أيْ: تركهم في ريبهم يتردَّدون ولم يهدهم.
{وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}: جمع فاسق وهو الخارج عن طاعة الله والدّين، واتباع طريق الفسق والضّلال والثّبات عليه بدلاً من طريق الطّاعة والهداية والتزام منهج الله والذهاب بعيداً في طريق الضلال، ولم يعد هناك أيُّ أمل في عودته، فالله سبحانه يتركه وشأنه، وما اختار لنفسه من الفسق، والزيغ ارجع إلى الآية (٢٦) من سورة البقرة لمزيد من البيان.