سورة المنافقون ٦٣: ٨
{يَقُولُونَ لَئِنْ رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}:
{يَقُولُونَ}: بصيغة المضارع؛ لتدل على حكاية الحال والتجدد والتّكرار؛ أي: عبد الله بن أُبيّ والمنافقون يقولون.
{لَئِنْ رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ}: من غزوة بني المصطلق، لئن: اللام لام التّوكيد، إن شرطية تفيد الاحتمال والشّك.
{لَيُخْرِجَنَّ}: اللام لام التّوكيد، وكذلك النّون في (يخرجن) لزيادة التّوكيد على أنّهم سيُخرِجون المهاجرين ومحمّداً -صلى الله عليه وسلم- من المدينة.
{الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}: الأعز حسب زعمهم: هو أمثال عبد الله بن أُبيّ بن سلول، والأذل: يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المهاجرين.
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ}: الواو عاطفة تفيد التّوكيد، لله: جار ومجرور والتّقديم يفيد الحصر؛ أي: لله وحده العزة فهو مالك العزة وصاحبها.
{وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}: والعزة هي عزة الغلبة والقهر والقوة والامتناع، وعزة الرّسول والمؤمنين نابعة من عزة الله تعالى وفضله وإحسانه على رسوله وعلى المؤمنين.
{وَلَكِنَّ}: حرف استدراك وتوكيد.
{الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}: لا يعلمون أن العزة لله وحده، وهو معز لرسوله ولأوليائه، وانتبه إلى التّدرّج كيف يكون: أوّلاً التّفكر (بالعقل بالمعطيات) ثم التدبّر (النظر في عواقب الأمور، والتّدبر يكون بالعقل والقلب) ثم الفقه ثالثاً، ورابعاً يكون العلم، فالّذي قال: ليخرجنّ الأعز منها الأذل هو عبد الله بن أُبيّ بن سلول جاهل لا يعلم حقائق الأمور أنّ العزة لله جميعاً.
وهناك تفسير ثان لنهاية هذه الآية (٨) وهي قوله: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} مع نهاية الآية (٧) وهي قوله: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}: فقوله تعالى: لا يعلمون (أن العزة لله جميعاً، والعزة أمر معنوي)، ولا تنفقوا: الإنفاق أمر ظاهر حسي، فقال: لا يفقهون.
أنّ العزة لله جميعاً: وهذا أمر يجهله الكثير ويجهله المنافقون ولا يعلمونه فقال: لا يعلمون. وبما أنّ الكثير يعلمون أنّ الرزق من عند الله تعالى فلا يحتاج هذا الأمر إلا القليل من الفهم والفقه، ولذلك قال: لا يفقهون، ووصفهم بأنهم (لا يفقهون) أسوأ وأقبح من وصفهم (لا يعلمون).