سورة التغابن ٦٤: ١٢
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}:
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ}: فيما أمركم ونهاكم عنه، أو ما شرع لكم فيما أجمل من الأحكام.
{وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}: الطاعة: هي الانقياد لمطلوب الشارع (وهو الله سبحانه) بما أمر به واجباً ومستحباً فيما أمركم ونهاكم عنه وما فصّل لكم من الأحكام والشرائع. ارجع إلى سورة آل عمران آية (٣٢) لمزيد من البيان، وسورة النساء آية (٥٩)، ومعرفة الفرق بين أطيعوا الله ورسوله، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول.
{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ}: الفاء للتوكيد، إن شرطية تفيد الاحتمال أو الشك أو النّدرة، توليتم: التولي: هو أشد من الإعراض؛ ابتعدتم؛ أي: أعرضتم ورفضتم طاعة الله وطاعة رسوله، فإنما بغيكم وإثمكم على أنفسكم.
{فَإِنَّمَا}: الفاء جواب الشّرط، إنما: كافة مكفوفة تفيد التّوكيد.
{عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}: إنما مهمة رسولنا فقط التّبليغ وإيصال الرّسالة إليكم، وقوله تعالى رسولنا بدلاً على الرسول: فيه تشريف وتعظيم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمبين تعني: أن تصل إلى كل فرد، تصل كاملة بدون نقصان وواضحة لا تحتاج إلى دليل أو بينة.
لنقارن بين هذه الآية (١٢) من سورة التغابن وهي قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، مع الآية (٩٢) من سورة المائدة وهي قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}.
ففي آية المائدة زاد كلمتين (واحذروا) (فاعلموا)؛ لأنّ آية المائدة مسبوقة بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} فناسب ذلك ذكر التحذير والعلم، بينما آية التّغابن لم يسبقها نهي عن محرمات (كما في المائدة).