سورة التحريم ٦٦: ٣
{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِىَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}:
{وَإِذْ}: أي واذكر إذ أسرَّ النبي، أو: واذكر حين أسرَّ النبي إلى بعض؛ البعض في اللغة: قد تعني الواحدة، أو الواحد، وقد تعني الجماعة كقوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ص: ٢٤، أزواجه حديثاً (أي حفصة بنت عمر رضي الله عنها).
{حَدِيثًا}: حديث تحريم العسل على نفسه، وطلب منها أن لا تخبر بذلك السر إلى أحد.
{فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ}: (أي لم تستجب حفصة لطلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعدم إفشاء السر، وأخبرت عائشة رضي الله عنها بذلك)، ولكن هذا الإفشاء أو إخبار حفصة لعائشة كان بعد تردد وتريث وزمن طويل، ولو قال فلما أنبات به لكان يعني بدون تردد وبسرعة.
{فَلَمَّا}: الفاء للترتيب والمباشرة، لما: ظرف للزمان بمعنى حين نبّأت: حفصة عائشة؛ أي: أخبرتها الخبر.
{وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ}: أي أخبر أو أطلع الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن حفصة أخبرت عائشة بما حدث، فغضب رسول الله ودعا حفصة للحضور.
{عَرَّفَ بَعْضَهُ}: أي ذكر بعضه لحفصة وأعرض عن ذكر البعض الآخر لها.
{عَرَّفَ بَعْضَهُ}: أخبرها أن الله أطلعه عما قالت لعائشة (وإفشائها السر)، وأعرض عن بعض: عن ذكر تحريم العسل.
وهناك من المفسرين من قال في تفسير أعرض عن بعض: يعني خلافة أبي بكر أو خلافة أبي بكر وعمر من بعد رسول الله، وفيها ضعف والله أعلم.
{فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ}: أي أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة الخبر؛ أي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحفصة: أنت أفشيتِ السر إلى عائشة، فقالت حفصة:
{قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا}: أي من أخبرك بهذا الخبر؟ أي: النبأ حيث ظنت حفصة أن عائشة أخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال -صلى الله عليه وسلم-: {نَبَّأَنِىَ}: بالتوكيد: العليم الخبير.
الفرق بين نبّأني وأنبأني، أنبأني المنبئ هنا يعني بشراً، بينما: نبّأني المنبائ هنا هو الله العليم الخبير. قال: نبّأني (من فعل نبأ): أبلغ تنبيئاً وآكد من أنبأني. وأنبأك أو أنبأني من أنبأ، وأنبأ: فيها معنى في وقت قصير، ونبَّأ: فيها معنى وقت أطول مقارنة بـ (أنبأ).
{الْعَلِيمُ}: بكل الأقوال والأفعال والسر والعلن والنوايا وذات الصدور، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
{الْخَبِيرُ}: ببواطن الأمور ومخفيّات الأمور والسر والنجوى.
ثم خاطب حفصة وعائشة: