سورة النساء ٤: ٢٧
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}:
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}: لكي نفهم هذه الآية يجب أن نعلم مراحل التوبة:
ـ التوبة شرعت أولاً من الله (مرحلة التشريع): فقد علَّمنا الله سبحانه على يدي آدم كيف نتوب من المعصية، كما قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} البقرة: ٣٧.
ـ ثم تأتي مرحلة إقامة التوبة، أو الأداء؛ أيْ: كيف تتوب إلى الله كعبادة (نطبق أركان التوبة). الإقلاع عن الذنب، والكف عن المعصية، والرجوع إلى الله، والندم، والإكثار من العمل الصالح، والنوافل.
ـ ثم تأتي مرحلة القبول: وهي إما أن يتقبل الله سبحانه بفضله ورحمته توبة عبده، أو لا يقبل توبته.
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}: قدَّم لفظ الجلالة على الفعل يريد للاهتمام والتوكيد والمبالغة في قبول الله تعالى توبة عبده، ويفيد الحصر، فإن التوبة مختصة بالله حصراً، فلا يتوب العبد إلا لله جل جلاله، ولا أحد يقبل التوبة إلا الله عزَّ وجلَّ.
{وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ}: وهم الفسقة، والمنهمكون في الآثام، والفواحش، والمعاصي، والكفار، والمشركون، وغيرهم أن تتبعوا أهواءكم، ونزعاتكم، وتنحرفوا عن شرع الله، وتميلوا عن الحق إلى الباطل.
{أَنْ}: للتوكيد.
{تَمِيلُوا}: تنحرفوا وتضلوا.
{مَيْلًا عَظِيمًا}: عن طاعة الله إلى المعصية، وطاعة الشيطان، فتكثروا من الذنوب والمعاصي، ولا يكفيهم أن تميلوا ميلاً خفيفاً، فهذا لا يُعجبهم، ولا يكفيهم، بل الميل العظيم فقط هو الذي يريدونه ويطمعون فيه.