سورة النساء ٤: ٤٩
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}:
{أَلَمْ}: الهمزة: استفهام إنكاري وتعجب، سؤال فيه إعلام.
{أَلَمْ تَرَ}: رؤية قلبية؛ تعني: ألم ينته علمك إلى هؤلاء الذين يزكون أنفسهم، أو ألم تنظر إلى حال هؤلاء الذين يزكون أنفسهم.
{إِلَى الَّذِينَ}: قيل: رجال من اليهود. وقيل: اليهود، والنصارى الذين قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاؤُا اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} المائدة: ١٨.
أو الذين قالوا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} البقرة: ١١١، أو: تعود على كل من يزكي نفسه؛ فيدخل في زمرة هؤلاء.
{يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ}: من التزكية، وهي تبرئة النفس من الذنوب، والآثام، والعيوب، وادعاء الفضيلة، والصلاح، والطهارة من المعاصي.
{بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ}: بل إضراب إبطالي، إضراب عن تزكيتهم أنفسهم بأنه باطل.
{اللَّهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ}: الله سبحانه وحده من يُطهر ويبرئ من الذنوب تزكية ناشئة عن علم ودراية، ومن الحمق أن يزكي الإنسان نفسه، فقد قال تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} النجم: ٣٢.
{وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}: الفتيل: هنا يقصد به الخيط في شق نواة التمرة.
وأما النقرة: فهي في ظهر النواة. وأما القطمير: فهي القشرة تلف النواة. إذن {وَلَا}: الواو: عاطفة. لا: النافية.
{يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}: ولن ينقص من أجورهم مقدار الفتيل (الخيط في شق نواة الثمرة)؛ أيْ: أقل القليل.