سورة النساء ٤: ٥٦
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}:
{إِنَّ}: للتوكيد.
{الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا}: جحدوا، ولم يؤمنوا بآياتنا (الآيات تشمل الآيات القرآنية، أو ما جاء في الكتب المنزلة)، وكذلك الآيات الكونية، والمعجزات. وقوله سبحانه: {بِآيَاتِنَا}: تدل على شرف هذه الآيات؛ حيث أضافها إليه سبحانه.
{سَوْفَ}: للاستقبال البعيد؛ (أيْ: فيها تراخٍ زمني)، وفيها معنى التوكيد.
{نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا}: نصليهم: ندخلهم ناراً، ونحرقهم بها؛ مما يؤدي إلى حرق جلودهم؛ كلما: بدلاً من إذا؛ لأن كلما: تدل على التكرار والتجدد، وإذا: تدل على الحتمية بدون التكرار. تحرق جلودهم حتى تصل إلى الدرجة الثالثة؛ أي: تصبح متفحمة نبدلها بجلود جديدة حية فيها الأعصاب التي تؤدي إلى الشعور بالألم.
ولقد تبيَّن من الأبحاث العلمية: أن الألم الناتج عن الحروق هو نتيجة إصابة نهايات الأعصاب التي تحمل الإحساس بالألم، والتي تمتد إلى طبقات الجلد السطحية، وأن الحروق التي تمتد إلى الطبقات العميقة من الجلد لا تسبب أيَّ ألمٍ؛ لأنها لا تحتوي على نهايات الأعصاب، فالحروق من الدرجة الأولى، والثانية تسبب آلاماً شديدة لا تطاق، أما الحروق من الدرجة الثالثة فلا تسبب آلاماً؛ لأن الحرق أمات، أو قضى على النهايات العصبية كاملاً.
وفي هذه الآية شرح لآلية الألم الناتج عن الحروق التي سيعاني منها هؤلاء الكفرة في نار جهنم، وما إن تصل الحروق إلى الدرجة الثالثة من الجلد؛ تعني نضجت جلودهم، عندها تبدل هذه الجلود بجلود أخرى جديدة تحتوي على نهايات الأعصاب التي تسبب الآلام.
{لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}: اللام: للتوكيد.
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}:
{إِنَّ}: للتوكيد.
{كَانَ}: تشمل كل الأزمنة: الماضي، والحاضر، والمستقبل.
{عَزِيزًا}: القوي الذي لا يُغلب، ولا يُقهر، والممتنع بعزة المنع على عباده لا يضره أحد.
{حَكِيمًا}: الحكيم في تدبير شأنه، وكونه، وخلقه، وشرعه، حكيماً مشتقة من الحكمة، فهو أحكم الحكماء، أو مشتقة من الحكم؛ فهو أحكم الحاكمين.