سورة النساء ٤: ٨١
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِى تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}:
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ}: أيْ: إذا كانوا عندك يقول المنافقون: سمعاً وطاعة، أو أمرك مطاع.
{وَيَقُولُونَ}: بصيغة المضارع؛ للدلالة على التجدد والتكرار، وحكاية الحال بدلاً من قالوا.
{فَإِذَا}: الفاء: للتعقيب والمباشرة؛ أيْ: مجرد خروجهم من عندك. إذا ظرفية زمانية تعني: وحين يخرجون.
{بَرَزُوا}: خرجوا من عندك، ويقال للمقاتل: برز للقتال؛ أيْ: خرج.
{بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِى تَقُولُ}: الطائفة: جماعة من الناس تطوف على حول عقيدة، أو آراء حقَّة، أو باطلة.
قال: بيَّت بدل من بيتت طائفة، ذكر الفعل، ولم يؤنثه، ويجوز تذكير، أو تأنيث الفعل من الناحية اللغوية، وأما من الناحية البيانية: فالتذكير يدل على القلة؛ أي: الطائفة التي بيتت هي عدد قليل. وبيت: قيل مشتق من البيت، والبيتوتة ليلاً، ويعني: الاستخفاء عن أعين الناس. إذن بيت جمعت معنيين: هم قلة، وقاموا بذلك ليلاً.
قاموا بالتدبير ليلاً؛ أيْ: غيروا، وبدلوا ليلاً، وتشاوروا على العصيان، وغيروا الذي قالوه لك.
{طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ}: من المنافقين الذين قالوا آمنا بأفواههم، ولم تؤمن قلوبهم؛ ليأمنوا على دمائهم وأموالهم، والمنافقون طائفتان: قسم بيت، وقسم لم يُبيت.
{وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ}: والله يعلم ما يبيتون، ويتآمرون عليه، ويأمر حفظته الموكلين بالعباد بكتابة ما يقولون، وفي هذا تهديد ووعيد لهم بما يسرونه، ويتفقون عليه بالخفاء؛ لمخالفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعصيانه.
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}: دعهم وشأنهم، والإعراض يعني: ابتعد عنهم واتركهم، وهذا الإعراض ليس فيه معنى السوء.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}: فوِّض أمرك إلى الله؛ أي: اطلب منه العون، والنصر بعد أن اتخذت الأسباب؛ أي: أسباب الحيطة والحذر.
{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}: التوكل: يعني: رد الأمر إلى الله فهو حسبك، يكفيك مما يبيِّتونه من المنكر والشر، ولا تحتاج إلى أحد غيره سبحانه القوي العزيز. ارجع إلى سورة الأعراف، آية (٨٩)؛ لمزيد من البيان عن التوكل.