سورة النساء ٤: ١٠١
{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}:
{وَإِذَا}: ظرف زمان للاستقبال، متضمن معنى الشرط، ويدل على حتمية الوقوع، وكثرته، الضرب في الأرض؛ أي: السفر.
{ضَرَبْتُمْ فِى الْأَرْضِ}: أيْ: سافرتم، والضرب في الأرض قيل: هو الإبعاد فيها سيراً (السفر البعيد).
والضرب: إيقاع شيء على شيء؛ أيْ: ضرب الأرض بالأرجل المشي بصلابة، وعزم، وقوة بعكس الانتشار، يكون من دون جهد، ومشقة.
{فَلَيْسَ}: الفاء: للتوكيد، وهي رابطة لجواب الشرط.
ليس: من أدوات النفي، تنفي الحال، والمستقبل أحياناً، وأقل قوة في النفي من (لا) النافية.
{عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}: جُناح من جنح؛ أيْ: مال عن القصد؛ أي: الإثم للميل عن الحق.
فما الفرق بين: لا جناح عليكم، وليس عليكم جناح.
لا جناح عليكم: جملة اسمية، وليس عليكم جملة فعلية.
والقاعدة اللغوية تقول: الجملة الاسمية أقوى من الجملة الفعلية؛ حيث الجملة الاسمية تدل على الثبوت، والجملة الفعلية تدل على التجدد والتحول، فلا جناح عليكم أقوى في النفي من: ليس عليكم جناح؛ لأن النفي درجات، ولذلك تستعمل: لا جناح في القضايا الهامة مثل العبادات، والحقوق الزوجية والعقيدة، وتستعمل ليس في القضايا الأقل أهمية ونادرة، مثل: آيات الأكل والشرب، ودخول البيوت، وصلاة الخوف (النادرة).
{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}: أيْ: ليس عليكم إثمٌ أن تقصروا من الصلاة بأن تصلوا الصلاة الرباعية ركعتين؛ على شرط: وهو الخوف من الذين كفروا.
{أَنْ يَفْتِنَكُمُ}: بالقتل، أو الهجوم، أو الاعتداء عليكم، والفتنة: هي الأذى، أو القتل، والتعرض لكم، والكفر، والشرك، وغيرها، وقد وردت صلاة الخوف عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدة أوجه. ارجع إلى صلاة الخوف في كتب الفقه.
{إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}:
{إِنَّ}: للتوكيد.
{الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}: عدواً، ولم يقل: أعداء؛ لأن عداوتهم واحدة؛ أيْ: لها سبب واحد هو الدِّين، ولو كان لها أسباب كثيرة؛ لقال: كانوا لكم أعداء.
{مُبِينًا}: عداوة واضحة، وظاهرة لكل إنسان، وعداوة ظاهرة بينة، لا تحتاج إلى برهان، أو دليل.