سورة النساء ٤: ١١٤
{لَا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِنْ نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}:
النجوى: هي الكلام الخفي الذي تناحي به صاحبك، وهناك شخص ثالث؛ لا يسمع ما تقولانه، والنجوى لا تكون أدنى من ثلاثة: اثنان يتناجيان، والثالث لا يشارك في النجوى، وتتم النجوى عادة بخفض الصوت حتى يصعب على القريب سماعه.
والنجوى قد تكون بين أكثر من اثنين (ثلاثة، أو أربعة…)، والآخرون الحاضرون في المجلس لا يسمعون ما يتناجى به إخوانهم.
والنجوى مشتقة من: نجوة من الأرض، وهي المكان المرتفع في الجبل، وحين تناجي أحداً، فكأنك ترفع من تناجي عن غيره من الحاضرين في المجلس. ارجع إلى سورة المجادلة، آية (٧)؛ لمزيد من البيان.
{لَا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِنْ نَّجْوَاهُمْ}:
{لَا}: النافية للجنس.
{خَيْرَ}: لا فائدة، ولا نفع.
{فِى كَثِيرٍ مِنْ نَّجْوَاهُمْ}: أيْ: كثير من النجوى، لا فائدة منها، ولا نفع، وهناك نجوى قليلة، فيها خير، وتعين على الحق، مستثناة من النجوى السابقة، وهي التي تدور حول صدقة، أو معروف، أو إصلاح بين الناس، وهي ما ذكره الله تعالى بقوله: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}.
{إِلَّا}: أداة استثناء من النجوى المحرمة النجوى التي تدور حول صدقة، أو إصلاح، أو معروف. أمر بصدقة: أيْ: حث على صدقة.
{أَوْ مَعْرُوفٍ}: المعروف تعريفه: هو كل ما أمر به الشرع، واستحسنه العقل والعرف الصحيح.
{أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}: الإصلاح: يشمل العقيدة، والأخلاق، وعمارة الأرض، وتربية النفوس، والأعمال الصالحة، والإصلاح ضد الفساد.
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}:
{وَمَنْ}: الواو عاطفة. من: شرطية للعاقل، وتشمل الواحد، أو الاثنين، أو الجماعة.
{يَفْعَلْ ذَلِكَ}: ذلك: اسم إشارة، يشير إلى الصدقة، والمعروف، والإصلاح بين الناس.
{فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ}: سوف: تدل على التراخي في الزمن، وتدل على الأجر العظيم، وهو جنات النعيم؛ أيْ: سيكون في الآخرة، ولو قال سنؤتيه: السين تدل على الاستقبال القريب؛ أيْ: سنؤتيه في الدنيا الأجر العظيم.