سورة القارعة ١٠١: ٣
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}:
ثم سِئل للمرة الثالثة، ولا أحد يجيب.
{وَمَا}: لتوكيد الاستفهام والتّرهيب والتّهويل والتّعظيم والتّعجيز.
{أَدْرَاكَ}: من درى: وهو العلم بعد الجهل، العلم بشتى الوسائل أو بأيّ وسيلة، وأدرى حالة خاصة من علم.
أي: ما أعلمك وأخبرك ما القارعة، والجواب: لا أحد؛ لأنّها أمر غيبي لا يعلمه إلا الله وحده سبحانه، وتبقى مسألة القارعة مبهمة مهولة عظيمة حتّى يجيب الله سبحانه وحده على ذلك فيقول: "يوم يكون النّاس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش".
فقوله: "القارعة" فيها إبهام، "ما القارعة" فيها تهويل وتعظيم وتخويف, "وما أدراك ما القارعة" فيها تعجيز؛ لا أحد يعلم الجواب، فيجيب الله سبحانه، والغاية من الإبهام والتّهويل والتّخويف هو الاستعداد لها والتّحذير منها، "وما أدراك ما القارعة": ولم يقل ما يدريك ما القارعة.
ما أدراك: نفي للماضي، وما يدريك نفي في الحال والمستقبل، وقد وردت ما أدراك (١٣) مرة في القرآن، وأمّا ما يدريك وردت ثلاث مرات (ثلاث آيات) وتَبينَ حين يستعمل ما أدراك في الماضي (من خصائص القرآن) ينتهي الأمر أو المسألة بأنّ الله سبحانه يطلع ويخبر رسوله على المعنى فلا يبقى غامضاً ويُعرفُ الجواب، أمّا حين يستعمل وما يدريك (في الحال أو المستقبل) تبقى المسألة أو الأمر غامضاً مبهماً ولا يطلعه الله على الجواب.
وقد وردت وما يدريك في ثلاث آيات:
الآية الأولى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}.
الثانية: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}.
الثالثة: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}.
إذن ما يتعلق بعلم السّاعة أو التّزكية (أمر غيبي) لا يعلمه إلا عالم الغيب والشّهادة وحده، وسوف نعلمه عند قيام الساعة وعند البعث والحساب.