سورة النساء ٤: ١٢٩
{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}:
{وَلَنْ}: الواو: استئنافية. ولن: حرف نفي، ينفي المستقبل القريب والبعيد، وليس النفي المؤبد.
{تَسْتَطِيعُوا}: الاستطاعة: تعني القدرة، ولكن الاستطاعة أخصّ من القدرة، فكلّ مستطيع قادرٌ، وليس كل قادر بمستطيع، والقدرة من الاستطاعة، والاستطاعة هنا هي الاستطاعة المعنوية القلبية، وليست الاستطاعة المادية (كالنفقة، والمأكل، والمشرب، والكسوة، وقضاء الوقت عند هذه، أو تلك).
{أَنْ}: للتوكيد.
{تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}: من العدل، ويقصد بالعدل هنا: العدل العاطفي القلبي؛ أي: الحب، فهذا الأمر صعب، أو مستحيل، ولذلك لا يطالب به الشرع، أمّا العدل في النفقة، والموآنسة، والملبس، والمعاملة الحسنة، فهذا ما يطالب به الشرع.
{فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}: فلا: الفاء: للتوكيد. لا: النافية للحال، والاستمرار والاستقبال.
{فَلَا تَمِيلُوا}: ميلاً عاطفياً قلبياً، لا تستطيعون السيطرة عليه، رغم أن الميل العاطفي مباح لكم، ولكن لا ينبغي أن يكون الميل العاطفي القلبي سبباً إلى الإخلال بالنفقة، أو سبباً للمعاملة السيئة، أو الظلم للزوجة الأخرى.
{فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}: أيْ: كالعازبة من دون زوج، فتتزوج أو المتزوجة لها زوج، ولكن لا يُحسب زوجاً لها؛ لأنه لا يعاملها كزوجة له.
{وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}: وإن: الواو عاطفة. إن: شرطية.
{تُصْلِحُوا}: معاشرتهن وتعاملوهن بالعدل، ورفع الظلم، وتتجنبوا الأسباب التي أدت بها إلى كونها كالمعلَّقة؛ فتصلحوها.
{وَتَتَّقُوا}: الله سبحانه، وتطيعوا أوامره بالمعاملة بالمعروف والإحسان، وتتجنبوا نواهيه من الظلم، والجور.
{فَإِنَّ اللَّهَ}: فإن: الفاء: للتوكيد، إنّ: لزيادة التوكيد.
{كَانَ}: تفيد الماضي، والحاضر، والمستقبل.
{غَفُورًا رَحِيمًا}: أي: يغفر لكم ميل القلب، وما ليس باستطاعتكم؛ لأنه سبحانه غفوراً رحيماً؛ ارجع إلى الآية (٢٥) في سورة النساء لمزيد من البيان.